مِيثَاقُ الْكِتَابِ

"وربما
سمع بعضهم قول من قال من المفسرين :
هذه نزلت في عبّاد الأصنام ، وهذه نزلت في النصارى ،
هذه نزلت في عبّاد الأصنام ، وهذه نزلت في النصارى ،
وهذه في الصابئة ،
فيظن الغمر أن ذلك مختص بهم
وأن الحكم لا يتعداهم
،
وهذا أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن ..-.
ـ الدرر السنية "
") ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ( ...
عوقب هؤلاء المتحيلون بأنهم مسخوا قردة خاسئين...
وهذا أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن ..-.
ـ الدرر السنية "
") ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ( ...
عوقب هؤلاء المتحيلون بأنهم مسخوا قردة خاسئين...
والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح ولكن حقيقته غير مباح ،
فصورة القرد شبيهة بالآدمي ، ولكنه ليس بآدمي ،
وهذا لأن الجزاء من جنس العمل "
"لما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع الذي استقل بالسنة و الفرض
"لما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع الذي استقل بالسنة و الفرض
ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض رأيت أن
أشتغل به مدى عمري وأستفرغ فيه منيتي ...
القرطبي "
القرطبي "
---
قال تعالى في سورة الأعراف
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا
الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ
بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)
فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا
لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ
إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ
لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)
لقد كان العذاب البئيس - أي الشديد
-
الذي حل بالعصاة المحتالين،
جزاء إمعانهم في
المعصية
-
التي يعتبرها النص هي الكفر،
الذي يعبر عنه بالظلم مرة
وبالفسق مرة كما هو الغالب في التعبير
القرآني عن الكفر والشرك بالظلم والفسق؛
وهو تعبير يختلف عن المصطلح الفقهي المتأخر عن هذه
الألفاظ إذ أن مدلولها القرآني
ليس هو المدلول الذي جعل يشيع في التعبير الفقهي المتأخر –
كان ذلك العذاب البئيس
هو المسخ عن الصورة الآدمية
هو المسخ عن الصورة الآدمية
إلى الصورة القردية!
لقد تنازلوا هم عن آدميتهم، حين
تنازلوا عن أخص خصائصها
-
وهو الإرادة التي تسيطر على الرغبة
-
وانتكسوا إلى عالم " الحيوان "
حين تخلوا عن خصائص " الإنسان "
فقيل لهم أن يكونوا حيث أرادوا لأنفسهم من الانتكاس
والهوان!
أما كيف صاروا قردة؟
وكيف حدث لهم بعد أن صاروا قردة؟
هل انقرضوا كما ينقرض كل
ممسوخ يخرج عن جنسه؟
أم تناسلوا وهم قردة؟
.
. . إلى آخر هذه المسائل
التي تتعدد فيها روايات التفسير
.
. . فهذا كله مسكوت عنه في القرآن الكريم؛
وليس وراءه عن رسول الله ع شيء . . فلا
حاجة بنا نحن إلى الخوض فيه.
لقد جرت كلمة الله التي يجري بها الخلق والتكوين ابتداء؛
كما يجري بها التحوير والتغيير . .
كلمة "
كن "
.
"
قلنا لهم: كونوا قردة خاسئين " . .
فكانوا قردة مهينين.
كما جرى القول الذي لا راد له؛
ولا يعجز قائله عن شيء سبحانه!
ثم كانت اللعنة الأبدية على الجميع
إلا الذين يؤمنون بالنبي الأمي ويتبعونه
بما انتهى إليه أمرهم بعد فترة من المعصية التي لا تنتهي؛
وصدرت المشيئة الإلهية بالحكم
الذي لا راد له ولا معقب عليه:
" وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة
من يسومهم سوء العذاب
إن ربك لسريع العقاب، وإنه لغفور رحيم "
.
.
فهو إذن الأبد الذي تحقق منذ صدوره؛
فبعث الله على اليهود في فترات من الزمان من يسومهم
سوء العذاب.
والذي سيظل نافذًا في عمومه،
فيبعث الله عليهم بين آونة وأخرى من يسومهم سوء العذاب.
وكلما انتعشوا وانتفشوا وطغوا في الأرض وبغوا،
جاءتهم الضربة ممن يسلطهم الله من عباده
على هذه الفئة الباغية النكدة، الناكثة العاصية،
التي لا تخرج من معصية إلا لتقع في معصية؛ ولا تثوب
من انحراف حتى تجنح إلى انحراف . .
ولقد يبدو أحياناً أن اللعنة قد توقفت،
وأن يهود قد عزت واستطالت!
وإن هي إلا فترة عارضة من فترات التاريخ
.
. ولا يدري إلا الله من ذا الذي سيسلط عليهم في الجولة التالية،
وما بعدها إلى يوم القيامة.
لقد تأذن الله بهذا الأمر الدائم إلى يوم القيامة
-
كما أخبر الله نبيه في قرآنه - معقباً على هذا
الأمر بتقرير صفة الله سبحانه في العذاب والرحمة:
"
إن ربك لسريع العقاب، وإنه لغفور رحيم "
.
.
فهو بسرعة عقابه يأخذ الذين حقت عليهم كلمته بالعذاب
-
كما أخذ القرية التي كانت حاضرة البحر
- وهو بمغفرته ورحمته يقبل التوبة ممن يتوب من بني إسرائيل،
ممن يتبعون الرسول النبي
الذي يجدونه مكتوباً عندهم، في التوراة والإنجيل
.
. فليس عذابه - سبحانه - عن نقمة ولا إحنة.
إنما
هو الجزاء العادل لمن يستحقونه،
ووراءه المغفرة والرحمة . .
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ
الصَّالِحُونَ
وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ
بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا
الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى
وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا
وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ
مِيثَاقُ الْكِتَابِ
أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ
وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ
خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا
الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)
فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى،
ويقولون: سيغفر لنا.
وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه " . .
وصفة هذا الخلف الذي جاء بعد ذلك السلف من قوم موسى
:
أنهم ورثوا الكتاب ودرسوه . .
ولكنهم لم يتكيفوا به ولم تتأثر به قلوبهم
ولا سلوكهم
.
. شأن العقيدة حين تتحول إلى ثقافة تدرس
وعلم يحفظ
. . وكلما رأوا عرضاً من أعراض الحياة الدنيا تهافتوا عليه،
ثم تأولوا وقالوا: " سيغفر لنا "
.
. وهكذا كلما عرض لهم من أعراض الدنيا جديد تهافتوا عليه من جديد!
ويسأل سؤال استنكار:
"
ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق؟
ودرسوا ما فيه؟ " .
ألم يؤخذ عليهم ميثاق الله في الكتاب ألا يتأولوا
ولا يحتالوا على النصوص، وألا يخبروا عن الله
إلا بالحق . . فما بالهم يقولون: "
سيغفر لنا " ويتهافتون على أعراض الحياة الدنيا؟
ويبررون
لأنفسهم
هذا بالتقول على الله وتأكيد غفرانه لهم،
وهم يعلمون أن الله إنما يغفر لمن يتوبون حقاً؛
ويقلعون عن المعصية فعلاً؛
وليس هذا حالهم،
فهم يعودون كلما رأوا عرضاً من أعراض الحياة الدنيا!
وهم درسوا هذا الكتاب وعرفوا ما فيه!
بلى! ولكن
الدراسة لا تجدي مالم تخالط القلوب
وكم من دارسين للدين وقلوبهم عنه بعيد.
إنما يدرسونه ليتأولوا ويحتالوا،
ويحرفوا الكلم عن مواضعه،
ويجدوا المخارج للفتاوى المغرضة التي تنيلهم
عرض الحياة الدنيا
.
. وهل آفة الدين إلا الذين يدرسونه دراسة؛
ولا يأخذونه عقيدة يتقون الله ولا
يرهبونه؟ !
" والدار الآخرة خير للذين يتقون. أفلا تعقلون؟
لا شيء يثبت على الغير والأحداث
وتقلبات الأحوال في هذا الخضم الهائج
وفي هذه المعركة الكبرى؛
إلا اليقين في الآخرة، وأنها
خير للذين يتقون،
ويعفون،
ويترفعون، ويثبتون على الحق والخير في
وجه الزعازع والأعاصير والفتن،
ويمضون في الطريق لا يتلفتون
.
. مطمئنين واثقين، ملء قلوبهم اليقين
المصادر
:
في ظلال القرآن
مدونة لا بديل للأمل
(اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم أعلم ان الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما ، اللهم إنى أعوذ بك من شر نفسى ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم)
(اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم أعلم ان الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما ، اللهم إنى أعوذ بك من شر نفسى ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم)
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home