آيات للتدبر
، فإن الرجاء ، يوجب للعبد ، السعي والاجتهاد ، فيما رجاه ، والإياس : يوجب له التثاقل والتباطؤ ، وأولى ما رجا العباد ، فضل الله وإحسانه ، ورحمته ، وروحه ،
" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ، فإنهم ـ لكفرهم ـ يستبعدون رحمته ، ورحمته بعيدة منهم ، فلا تتشبهوا بالكافرين . ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد ، يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه
"أن الله يبسط الرزق لمن يشاء " من عباده ، سواء كان صالحا أو طالحا
" ويقدر " الرزق . أي : يضيقه ، على من يشاء ، صالحا أو طالحا ،
فرزقه مشترك بين البرية .
والإيمان والعمل الصالح يخص به ، خير البرية .
" إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون "
أي : بسط الرزق وقبضه ، لعلمهم أن مرجع ذلك ، عائد إلى الحكمة والرحمة ، وأنه أعلم بحال عبيده . فقد يضيق عليهم الرزق لطفا بهم؛ لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض ، فيكون تعالى مراعيا في ذلك ، صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم ، والله أعلم .
" إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون "
أي : بسط الرزق وقبضه ، لعلمهم أن مرجع ذلك ، عائد إلى الحكمة والرحمة ، وأنه أعلم بحال عبيده . فقد يضيق عليهم الرزق لطفا بهم؛ لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض ، فيكون تعالى مراعيا في ذلك ، صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم ، والله أعلم .
وعد الله حق
" إن وعد الله حق "
أي : لا شك فيه ، وهذا مما يعين على الصبر ، فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع ، بل سيجده كاملا ، هان عليه ما يلقاه من المكاره ، وتيسر عليه كل عسير ، واستقل من عمله كل كثير .
الابتلاء
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ليتبين الصادق من الكاذب والجازع من الصابر وهذه سنته تعالى في عباده ؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر
هذه فائدة المحن لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان ولا ردهم عن دينهم فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده
" بشيء من الخوف "
" ونقص من الأموال "
" والأنفس "
" والثمرات "
فهذه الأمور لا بد أن تقع لأن العليم الخبير أخبر بها فوقعت كما أخبر فإذا وقعت انقسم الناس قسمين :
جازعين وصابرين فالجازع حصلت له المصيبتان فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة وفوات ما هو
أعظم منها وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ففاز بالخسارة والحرمان ونقص ما معه من الإيمان وفاته
الصبر والرضا والشكران وحصل ] له [ السخط الدال على شدة النقصان
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا واحتسب أجرها عند
الله وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له بل المصيبة تكون نعمة في حقه
لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها فقد امتثل أمر الله وفاز بالثواب فلهذا قال تعالى :
" وبشر الصابرين "
أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب فالصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة والمنحة الجسيمة ثم وصفهم بقوله :
" الذين إذا أصابتهم مصيبة "
وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره
" قالوا إنا لله "
أي : مملوكون لله مدبرون تحت أمره وتصريفه فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء فإذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم فلا اعتراض عليه بل من كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم الذي أرحم بعبده من نفسه فيوجب له ذلك الرضا عن الله والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده وإن لم يشعر بذلك ومع أننا مملوكون لله فإنا إليه راجعون يوم المعاد فمجاز كل عامل بعمله فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفرا عنده وإن جزعنا وسخطنا لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر فكون العبد لله وراجع إليه من أقوى أسباب الصبر
" أولئك "
الموصوفون بالصبر المذكور
" عليهم صلوات من ربهم "
أي : ثناء وتنويه بحالهم
" ورحمة "
عظيمة ومن رحمته إياهم أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر
" وأولئك هم المهتدون "
الذين عرفوا الحق وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله وأنهم إليه راجعون وعملوا به وهو هنا صبرهم لله
ودلت هذه الآية على أن من لم يصبر فله ضد ما لهم فحصل له الذم
من الله والعقوبة والضلال والخسارة فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين وأعظم عناء الجازعين فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها لتخف وتسهل إذا وقعت وبيان ما تقابل به إذا وقعت وهو الصبر وبيان ما يعين على الصبر وما للصابر من الأجر ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر
وأن هذا الابتلاء والامتحان سنة الله التي قد خلت ولن تجد لسنة الله تبديلا .
ان الله يحب......
والله يحب الصابرين
إن الله يحب المتوكلين
إن الله يحب المحسنين
إن الله يحب المقسطين
إن الله يحب المتقين
إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
*******
المصدر
تفسير السعدي
" إن وعد الله حق "
أي : لا شك فيه ، وهذا مما يعين على الصبر ، فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع ، بل سيجده كاملا ، هان عليه ما يلقاه من المكاره ، وتيسر عليه كل عسير ، واستقل من عمله كل كثير .
الابتلاء
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ليتبين الصادق من الكاذب والجازع من الصابر وهذه سنته تعالى في عباده ؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر
هذه فائدة المحن لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان ولا ردهم عن دينهم فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده
" بشيء من الخوف "
" ونقص من الأموال "
" والأنفس "
" والثمرات "
فهذه الأمور لا بد أن تقع لأن العليم الخبير أخبر بها فوقعت كما أخبر فإذا وقعت انقسم الناس قسمين :
جازعين وصابرين فالجازع حصلت له المصيبتان فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة وفوات ما هو
أعظم منها وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ففاز بالخسارة والحرمان ونقص ما معه من الإيمان وفاته
الصبر والرضا والشكران وحصل ] له [ السخط الدال على شدة النقصان
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا واحتسب أجرها عند
الله وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له بل المصيبة تكون نعمة في حقه
لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها فقد امتثل أمر الله وفاز بالثواب فلهذا قال تعالى :
" وبشر الصابرين "
أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب فالصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة والمنحة الجسيمة ثم وصفهم بقوله :
" الذين إذا أصابتهم مصيبة "
وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره
" قالوا إنا لله "
أي : مملوكون لله مدبرون تحت أمره وتصريفه فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء فإذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم فلا اعتراض عليه بل من كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم الذي أرحم بعبده من نفسه فيوجب له ذلك الرضا عن الله والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده وإن لم يشعر بذلك ومع أننا مملوكون لله فإنا إليه راجعون يوم المعاد فمجاز كل عامل بعمله فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفرا عنده وإن جزعنا وسخطنا لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر فكون العبد لله وراجع إليه من أقوى أسباب الصبر
" أولئك "
الموصوفون بالصبر المذكور
" عليهم صلوات من ربهم "
أي : ثناء وتنويه بحالهم
" ورحمة "
عظيمة ومن رحمته إياهم أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر
" وأولئك هم المهتدون "
الذين عرفوا الحق وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله وأنهم إليه راجعون وعملوا به وهو هنا صبرهم لله
ودلت هذه الآية على أن من لم يصبر فله ضد ما لهم فحصل له الذم
من الله والعقوبة والضلال والخسارة فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين وأعظم عناء الجازعين فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها لتخف وتسهل إذا وقعت وبيان ما تقابل به إذا وقعت وهو الصبر وبيان ما يعين على الصبر وما للصابر من الأجر ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر
وأن هذا الابتلاء والامتحان سنة الله التي قد خلت ولن تجد لسنة الله تبديلا .
ان الله يحب......
والله يحب الصابرين
إن الله يحب المتوكلين
إن الله يحب المحسنين
إن الله يحب المقسطين
إن الله يحب المتقين
إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
"وسنجزي الشاكرين" أي سنعطيهم من فضلنا ورحمتنا في الدنيا والآخرة بحسب شكرهم وعملهم.
*******
المصدر
تفسير السعدي
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home