آيات لأولى النهى

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
قال تعالى في سورة طه
أَفَلَمْ
يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ
يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ
إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)
وَلَوْلَا
كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)
فَاصْبِرْ
عَلَى مَا يَقُولُونَ
وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ
غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
حين تجول العين والقلب في مصارع القرون
وحين تطالع العين آثارهم ومساكنهم عن كثب،
وحين يتملى الخيال الدور وقد خلت من أهلها الأول؛
ويتصور شخوصهم الذاهبة، وأشباحهم الهاربة،
وحركاتهم وسكناتهم، وخواطرهم وأحلامهم،
وهمومهم وآمالهم . .
حين يتأمل هذا الحشد من الأشباح
والصور والانفعالات والمشاعر
.
. ثم يفتح عينه فلا يرى من ذلك كله شيئا إلا الفراغ والخواء . .
عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها
لتبتلع الحاضر كما ابتلعت الغابر.
وعندئذ يدرك يد القدرة التي أخذت
القرون الأولى
وهي قادرة على أن تأخذ ما يليها
وعندئذ يعي معنى الإنذار،
والعبرة أمامه معروضة للأنظار.
فما لهؤلاء القوم لا يهتدون
وفي مصارع القرون ما يهدي أولي الألباب؟ :
"إن في ذلك لآيات لأولي النهى " !
ولولا أن الله وعدهم ألا يستأصلهم بعذاب الدنيا،
لحكمة عليا
لحل بهم ما حل بالقرون الأولى.
ولكنها كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى أمهلهم إليه: "
ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما،
وأجل مسمى "
.
فَاصْبِرْ
عَلَى مَا يَقُولُونَ
وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ
غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ
تَرْضَى
فاصبر على ما يقولون
من كفر واستهزاء وجحود وإعراض،
ولا يضق صدرك بهم، ولا تذهب
نفسك عليهم حسرات
واتجه إلى ربك.
سبح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
في هدأة الصبح
وهو يتنفس ويتفتح بالحياة؛
وفي هدأة الغروب والشمس تودع،
والكون يغمض أجفانه، وسبح بحمده
فترات من الليل والنهار
.
. كن موصولا بالله على مدار اليوم . . "
لعلك ترضى " . .
إن التسبيح بالله اتصال
والنفس التي تتصل تطمئن وترضى
ترضى وهي في ذلك الجوار الرضي؛
وتطمئن وهي في ذلك الحمى الآمن.
فالرضي ثمرة التسبيح والعبادة،
وهو وحده جزاء حاضر ينبت من داخل النفس
ويترعرع في
حنايا القلب.1
قال ابن
كثير في تفسيره:
لأولى
النهى أي لذوي العقول السليمة المستقيمة
1-
في ظلال
القرآن
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home