Affliction
مامعنى كثرة الابتلاء للشخص من مصائب هل هذه ذنوبه ؟
نعم هى بعض ما ارتكبه من مخالفات أو تقصير .... قال تعالى : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) سورة الشورى((وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )) 79 النساء
و لكن لا يعنى أنه غضب من الله على الشخص , بل قد يكون رحمة به أن تعجل له العقوبة فى الدنيا , و قد يكون تطهيرا له , و قد يكون غضبا أيضا و عقوبة ...حسب علم الله تعالى
و الله وحده يعلم الحكمة الخاصة بمصيبة كل شخص , لكن الله تعالى علمنا الحكم كلها مجملة و عامة فى القرءان , فكل شخص يبحث لنفسه عن موضع فيها , و عموما محصلتها هى وجوب تصحيح المسار و الإستقامة , فسواء كانت المصيبة عقوبة و سخطا من الله , أو كانت تطهيرا و رفعا للدرجات , فكلاهما يحتاج أن يثبت الشخص على الحق إن كان عليه أصلا , و أن يعود الشخص للحق إن كان بعيدا عن الحق
رغم ان هناك ناس يمارسون الذنوب ولا مصائب تصيبهم ؟
لأن الله تعالى ينوع المعاملة مع العبد حسب حكمته سبحانه و علمه و تقديره فقد يعجل الله العقوبة لشخص وقد يؤجل العقوبة له و يستدرجه , ليقع فى مزيد من الخطأ عقابا له على سوء نيته و فجوره , فيزيد حسابه يوم القيامة - سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ)(182)سورة الأعراف((إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا))178 سورة آل عمران
وقد يعفو عنه الله تعالى فى الدنيا مؤقتا , لأمر من الأمور , رغبة فى هدايته مثلا , ليكون الإحسان تنبيها له ليشكر
و يعترف بالنعمة و المنة كما قيل عن قارون - وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ 77 سورة القصص فقد جعله الله تعالى اغنى الناس
وما معنى إصابة الشخص الواحد للعديد من أمراض العين والحسد هل بلاء او ذنوب....؟
كلاهما .... ما لم يكن نبيا معصوما و عموما لو كان الشخص على حق , فالحسد و العين و أى ضرر له يكون تكفيرا عن بعض مخالفاته و معاصيه و تقصيره , ويكون امتحانا له ليثبت و تزيد درجته ...و لو كان الشخص عاصيا جهولا أو ضالا جاهلا فيكون البلاء عقوبة و تنبيها له ليتوب و يبحث عن مصيره و يصحح مساره فقد يكون هناك خطأ فى فهمه للدين أو فى تطبيقه له
وكيف التعامل مع شخص لا يريد ان تكون احسن منك وهو شد يييييييد العداوة والحسد ؟
وكيف التعامل مع شخص لا يريد ان تكون احسن منك وهو شد يييييييد العداوة والحسد ؟
حسب الحال ...يمكن أن يعامل بالحسنى او بالهجر و الاجتناب أو بالشدة .. حسب الظروف المحيطة و درجة القرب و حسب درجة الشر ....فليس هناك قاعدة عامة , كل حالة لها ما يناسبها من نصيحة
****
و إليك نقاط أخرى كتبتها لمشكلة مماثلة سابقا لعلها تفيد إن شاء الله
الله سبحانه و تعالى هو الذى يقدر الأمور و يختار لكل شخص ما يناسبه بحكمته سبحانه , و على كل عبد أن يسلم بحكمة الله تعالى , و أن يهتم فقط بأن يكون عابدا على حق , و لا يهم تلك الأيام القليلة فى الدنيا ...فالدنيا مكان مؤقت يختبرنا الله تعالى فيهقد يختار الله تعالى لعبده العقوبة العاجلة فى الدنيا بأن يكفر عنه ذنوبه عن طريق مصائب يصاب بها و قد يختار له ان يؤجل حسابه للأخرة و قد يعفو عنه سبحانه فضلا و تكرما منه جل و علا
المهم
أن يعرف العبد ما يسخط الله من أنواع الكفر و الشرك و المخالفات و يبتعد عنها , و يحافظ على صلته بربه قوية
مهما كلفه ذلك .... ((وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)) 165 سورة البقرة
و ربما فعل العبد طاعات تكفر عنه السيئات فلا يحاسب عليها دنيا و لا آخرة ليس كل ما يعتبر المرء مصائب يعتبر مصائبا فهناك أمور يراها الناس شرا و هى خير
مثل ان تفوته زيجة معينة أو مصلحة معينة أو وظيفة يحلم بها أو فرصة للسفر أو ..أو
أما ما لا خلاف فى أنه ضرر مثل المرض فهو ضرر مؤقت فى الدنيا فقط و له عاقبة حلوة وثمرة جميلة تنسى كل المعاناة فى الأخرة بشرط ان يكون الإنسان على خير فى دينه
أما لو كان به خلل فى دينه
فيكون المصاب له حكم كثيرة فقد يكون تنبيها أو عقوبة أو تكفيرا عن المعاصى
و بالعكس أيضا موضوع حدوث الخيرللشخص أوحدوث المعجزات و الخوارق على يديه لا يدل على صلاحه و قربه من الله و لا على فساده
بل المعيارللصلاح و الفساد هو عرض المرء لنفسه على الكتاب و السنة
كما قال الشافعى رحمه الله :لو رأيتم الرجل يشمى على الماء و يطير فى الهواء فلا تقولوا فيه شيئا حتى تعرضوا أمره على الكتاب و السنة
لأن الخوارق و الكرامات والتسهيلات و الرزق الكبير لها حكم متعددة أيضا مثل المصائب فقد تكون حسنة و خيرا و نعمة كما حدث مع الإنبياء صلوات الله و سلامه عليهم ومع الصحابة رضوان الله عليهم ... و هى نعمة لكنها فى نفس الوقت اختبار للعبد هل يشكر ام يفتخر و يستعلى على الناس و يكفر , كما قال سليمان عليه الصلاة و السلام : هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ - 40 سورة النمل
و قد تكون استدراجا و إملاءا له ليزداد إثما عقابا له على فجوره فيزداد عقابه فهناك سحرة و دجالون و مشعوذون
ومشركون من غلاة الصوفية و النصارى و اليهود و من المجوس و السيخ و غيرهم تظهر معهم خوارق و توفيقات و لا يدل إلا على أن الله سبحانه يضلهم أكثر و يختبر بهم عباده المؤمنين ((فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )) (116) سورة الأعراف(( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ )) 102 سورة البقرة
فالابتلاء سنة ربانية سواء كان بالفقر والغنى، والصحة والمرض، والخوف والأمن، والنقص والكثرة، بل وفي كل
ما نحب ونكره، لا نخرج من دائرة الابتلاء
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه : نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة
والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال
أما موضوع حسد الناس فالوقاية الشرعية بالتعوذ بالدعاء و الرقية و القرءان ,بالسور المعروفة للتعوذ (( مثل قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس)) و كتمان الخير عن الحاسدين بقدر المستطاع , و ملاطفتهم بدون تنازلات , و الدعاء لهم أو عليهم لو اشتد شررهم ((و البعد عنهم )) حسب الحال و المستطاع(( و الصبر على ما يعملون , فحسدهم للمؤمن أيضا بلاء له و اختبار , و تألمه منهم معاناة لها حكم ربانية و عليها أجر للصابرين الثابتين
وقد قال الحكماء :(( لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت فى هذه الدار ، فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها)) يعنى من آداب العبد الحكيم أن لا يستغرب شيئاً من تجليات الحق تعالى فى أقداره ، ولا يتعجب من شئ منها كائنة ما كانت ، أقدار مزلزلة مهولة , من جلال الله و عظمته وقهره , أقدار باسمة ممتعة , من جماله
سبحانه و عفوه ،فإن نزلت به نوازل قهرية أو وقعت فى هذه الدار أكدار فلا يستغرب وقوع ذلك ، لأنها دار أهوال ومنزل فرقة وانتقال و الله أعلم
وفى الأثر :" أيها الناس : إن هذه الدار دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخائها ولم يحزن لشقائها ، ألا وإن الله خلق الدنيا دار بلوى ، والآخرة دار عقبى .دار التواء : أى اختبار بمشكلات و هلاك
منزل ترح : أى حزن
وقال قائل مبينا أنه وطن نفسه على البلاء , فلا يتعجب و لا ينزعج :لست أستبشع مما يرد على من العالم ، لأنى أصلت أصلا ، وهو أن الدار دار هم وغم وبلاء وفتنة , لكى يختبرنى خالقى ، وأن العالم معظمه شر بما كسبت أيدى الناس ، ومن حكمه سبحانه : أنه قد يتلقانى بكل ما أكره امتحانا و تطهيرا ، فإن تلقانى بما أحب فهو فضل ، وإلا فالأصل هو الأول
يعنى نجهز أنفسنا للبلاء فالدنيا دار بلاء ... لكى لا تكون نفسا جزعة هلوعة
وفى ذلك قيل
يمثل ذو اللب فى لبه شدائده قبل أن تنزلا
فإن نزلت بغتة لم ترعه لما كان فى نفسه مثلا
رأى الأمر يفضى إلى آخر فصبر آخرة أولا
و ذو الجهل يأمن أيامه وينسى مصارع من قد خلا
فإن دهمته صروف الزما ن ببعض مصائبه أعولا
ولو قدم الحزم من نفسه لعلمه الصبر عند البلا
قال أبو سليمان الدارانى لأحمد بن أبى الحوارى : يا أحمد جوع قليل وعرى قليل وأذى قليل وصبر قليل , وقد انقضت عنك أيام الدنيا ا.هـ
فاسمها دنيا ... و هى ليست دار قرار و ليست جنة , فلا تستغرب ما يقع بك أو بغيرك من الأكدار , ما دمت مقيما فى هذه الدار ،لأنها ما حدث فيها هو طبعها و اعرف ربك فى كل حالة فى الحلوة والمرة ,وأما إن كنت لا تعرفه إلا فى الجمال ، فهذا هو مقام الجهال ، والمعرفة فى الجلال هى السكون والأدب والرضى والتسليم
فاجعل همك أن يكون تصرفك بالله ولله ومن الله وإلى الله , وهو الصدق الذى هو لب الإخلاص
بالله : استعانة بالله
لله : لوجه الله
من الله : بأمر من الله تعمل العمل , و ليس بدعة ابتدعتها للتقرب بما اخترعت
إلى الله : تفوض إليه النتائج سبحانه , فلا تنزعج لو لم توفق فى دعوتك لشخص , أو فى عمل خير , لعل الله لا يريد سوى امتحانك , و ما عليك إلا التسليم
قال تعالى حاكيا عن سيدنا موسى عليه السلام :(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )(128)سورة الأعراف
فكل شخص يريد أن تكون العاقبة له عليه أن يعرف صفات المتقين فيعمل بها و ما يبتعدون عنه فيجتنبه , و أمامه القرءان و السنة ..قال تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) سورة القمر
فها هنا ضابط يعرف به أهل العناية من أهل الخذلان ، وأهل الولاية من أهل الخسران
****
أسئلة عن الابتلاء
د.إسلام المازنى
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home