لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
قال تعالى في سورة البقرة
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ.
وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاء ٍفَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ
حُبًّا لِلَّهِ
وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ
أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا
وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ
اتَّبَعُوا
وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً
فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ
كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا
كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ
وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)
|
وهذه الطريقة في تنبيه الحواس والمشاعر
جديرة بأن تفتح العين والقلب
جديرة بأن تفتح العين والقلب
على عجائب هذا الكون.
العجائب التي تفقدنا الألفة جدتها وغرابتها
وإيحاءاتها للقلب والحس،
وهي دعوة للإنسان أن يرتاد هذا الكون
كالذي يراه أول مرة مفتوح العين،
متوفز الحس، حي القلب.
وكم في هذه المشاهد
المكرورة من عجيب وكم فيها من غريب.
وكم اختلجت العيون والقلوب
وهي تطلع عليها أول مرة؛
ثم الفتها ففقدت هزة المفاجأة،
ودهشة المباغتة،
وروعة النظرة الأولى إلى هذا المهرجان العجيب.
تلك السماوات والأرض . .
وإيحاءاتها للقلب والحس،
وهي دعوة للإنسان أن يرتاد هذا الكون
كالذي يراه أول مرة مفتوح العين،
متوفز الحس، حي القلب.
وكم في هذه المشاهد
المكرورة من عجيب وكم فيها من غريب.
وكم اختلجت العيون والقلوب
وهي تطلع عليها أول مرة؛
ثم الفتها ففقدت هزة المفاجأة،
ودهشة المباغتة،
وروعة النظرة الأولى إلى هذا المهرجان العجيب.
تلك السماوات والأرض . .
هذه الأبعاد الهائلة
والأجرام الضخمة والآفاق المسحورة،
والأجرام الضخمة والآفاق المسحورة،
والعوالم المجهولة . .
هذا التناسق في مواقعها
وجريانها في ذلك الفضاء الهائل الذي يدير الرؤوس . .
وجريانها في ذلك الفضاء الهائل الذي يدير الرؤوس . .
هذه الأسرار التي توصوص للنفس
وتلتف في رداء المجهول . .
وتلتف في رداء المجهول . .
هذه السماوات والأرض
حتى دون أن يعرف الإنسان
شيئا عن حقيقة أبعادها
وأحجامها وأسرارها
التي يكشف الله للبشر عن بعضها
حينما تنمو مداركهم
وتسعفهم أبحاث العلوم . .
واختلاف الليل والنهار . .
تعاقب النور والظلام . .
وتسعفهم أبحاث العلوم . .
واختلاف الليل والنهار . .
تعاقب النور والظلام . .
توالي الإشراق والعتمة.
ذلك الفجر وذلك الغروب . .
كم اهتزت لها مشاعر،
وكم وجفت لها قلوب،
وكم كانت أعجوبة الأعاجيب . .
ثم فقد الإنسان وهلتها وروعتها مع التكرار.
إلا القلب المؤمن
الذي تتجدد في حسه هذه المشاهد؛
ويظل أبدا
يذكر يد الله فيها
فيتلقاها في كل مرة بروعة الخلق الجديد.
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس . .
يذكر يد الله فيها
فيتلقاها في كل مرة بروعة الخلق الجديد.
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس . .
وأشهد ما أحسست ما في هذه اللفتة من عمق
قدر ما أحسست ونقطة صغيرة في خضم المحيط تحملنا وتجري بنا،
والموج المتلاطم والزرقة المطلقة من حولنا.
والفلك سابحة متناثرة هنا وهناك.
ولا شيء إلا قدرة الله، وإلا رعاية الله،
وإلا قانون الكون
الذي جعله الله،
الذي جعله الله،
يحمل تلك النقطة الصغيرة
على ثبج الأمواج وخضمها الرعيب!
وما أنزل الله من السماء من ماء،
على ثبج الأمواج وخضمها الرعيب!
وما أنزل الله من السماء من ماء،
فأحيا به الأرض بعد موتها،
وبث فيها من كل دابة،
وتصريف الرياح
والسحاب المسخر بين السماء والأرض . .
والسحاب المسخر بين السماء والأرض . .
وكلها مشاهد لو أعاد الإنسان تأملها -
كما يوحي القرآن للقلب المؤمن -
بعين مفتوحة وقلب واع،
لارتجف كيانه من عظمة القدرة ورحمتها . .
تلك الحياة التي تنبعث من الأرض حينما يجودها الماء . .
هذه الحياة المجهولة الكنه، اللطيفة الجوهر،
التي تدب في لطف، ثم تتبدى جاهرة معلنة قوية . .
هذه الحياة من أين جاءت؟
كانت كامنة في الحبة والنواة!
ولكن من أين جاءت إلى الحبة والنواة؟
أصلها؟ مصدرها الأول؟
ولكن من أين جاءت إلى الحبة والنواة؟
أصلها؟ مصدرها الأول؟
إنه لا يجدي الهرب من مواجهة هذا
السؤال الذي يلح على الفطرة . .
السؤال الذي يلح على الفطرة . .
لقد حاول الملحدون تجاهل هذا السؤال الذي لا جواب عليه إلا
وجود خالق قادر على إعطاء الحياة للموات.
وجود خالق قادر على إعطاء الحياة للموات.
وحاولوا طويلا أن يوهموا الناس
أنهم في طريقهم إلى إنشاء الحياة -
بلا حاجة إلى إله!
- ثم أخيرا إذا هم في أرض الإلحاد الجاحد الكافر
ينتهون إلى نفض أيديهم والإقرار بما يكرهون:
ينتهون إلى نفض أيديهم والإقرار بما يكرهون:
استحالة خلق الحياة!
وأعلم علماء روسيا الكافرة في موضوع الحياة
هو الذي يقول هذا الآن!
ومن قبل راغ دارون صاحب نظرية النشوء والارتقاء
من مواجهة هذا السؤال!
ثم تلك الرياح المتحولة من وجهة إلى وجهة،
ثم تلك الرياح المتحولة من وجهة إلى وجهة،
وذلك السحاب المحمول على هواء،
المسخر بين
السماء والأرض،
السماء والأرض،
الخاضع للناموس الذي أودعه الخالق هذا الوجود . .
إنه لا يكفي أن تقول نظرية ما
تقوله عن أسباب هبوب الريح،
تقوله عن أسباب هبوب الريح،
وعن طريقة تكون السحاب . .
إن السر الأعمق هو سر هذه الأسباب
. . سر خلقة الكون هذه الطبيعة
. . سر خلقة الكون هذه الطبيعة
وهذه النسب وهذه الأوضاع،
التي تسمح بنشأة الحياة ونموها وتوفير
الأسباب الملائمة لها من رياح وسحاب ومطر وتربة . .
سر هذه الموافقات التي يعد المعروف منها
بالآلاف، والتي لو اختلت واحدة منها ما نشأت الحياة
بالآلاف، والتي لو اختلت واحدة منها ما نشأت الحياة
أو ما سارت هذه السيرة . . سر التدبير الدقيق
الذي يشي بالقصد والاختيار،
كما يشي بوحدة التصميم ورحمة التدبير . .
إن في ذلك " لآيات لقوم يعقلون " . .
نعم لو ألقى الإنسان عن عقله بلادة الألفة والغفلة،
الذي يشي بالقصد والاختيار،
كما يشي بوحدة التصميم ورحمة التدبير . .
إن في ذلك " لآيات لقوم يعقلون " . .
نعم لو ألقى الإنسان عن عقله بلادة الألفة والغفلة،
فاستقبل مشاهد الكون بحس متجدد، ونظرة
مستطلعة، وقلب نوره الإيمان.
مستطلعة، وقلب نوره الإيمان.
ولو سار في هذا الكون كالرائد الذي يهبط إليه أول مرة.
تلفت عينه كل ومضة،
وتلفت سمعه كل نأمة،
وتلفت حسه كل حركة،
تلفت عينه كل ومضة،
وتلفت سمعه كل نأمة،
وتلفت حسه كل حركة،
وتهز كيانه تلك الأعاجيب التي ما تني
تتوالى على الأبصار والقلوب والمشاعر . .
إن هذا هو ما يصنعه الإيمان.
تتوالى على الأبصار والقلوب والمشاعر . .
إن هذا هو ما يصنعه الإيمان.
هذا التفتح.
هذه الحساسية.
هذا التقدير للجمال والتناسق
والكمال . .
هذا التقدير للجمال والتناسق
والكمال . .
إن الإيمان رؤية جديدة للكون،
وإدراك جديد للجمال،
وحياة على الأرض في مهرجان
من صنع الله، آناء الليل وأطراف النهار . .
ومع هذا فإن هناك من لا ينظر ولا يتعقل،
فيحيد عن التوحيد
وحياة على الأرض في مهرجان
من صنع الله، آناء الليل وأطراف النهار . .
ومع هذا فإن هناك من لا ينظر ولا يتعقل،
فيحيد عن التوحيد
الذي يوحي به تصميم الوجود،
والنظر في وحدة الناموس الكوني العجيب:
" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " . .
من الناس من يتخذ من دون الله اندادا . .
والنظر في وحدة الناموس الكوني العجيب:
" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " . .
من الناس من يتخذ من دون الله اندادا . .
كانوا على عهد المخاطبين بهذا القرآن أحجارا
وأشجارا، أو نجوما وكواكب، أو ملائكة وشياطين . .
وأشجارا، أو نجوما وكواكب، أو ملائكة وشياطين . .
وهم في كل عهد من عهود الجاهلية أشياء
أو
أشخاص أو شارات أو اعتبارات . .
أشخاص أو شارات أو اعتبارات . .
وكلها شرك خفي أو ظاهر،
إذا ذكرت إلى جانب اسم الله،
وإذا أشركها المرء في قلبه مع حب الله.
فكيف إذا نزع حب الله من قلبه
وأفرد هذه الأنداد بالحب الذي لا
يكون إلا لله؟
إن المؤمنين لا يحبون شيئا حبهم لله.
يكون إلا لله؟
إن المؤمنين لا يحبون شيئا حبهم لله.
لا أنفسهم ولا سواهم.
لا أشخاصا ولا اعتبارات
ولا شارات ولا قيما من قيم هذه الأرض
التي يجري وراءها الناس:
" والذين آمنوا أشد حبا لله " . .
أشد حبا لله،
" والذين آمنوا أشد حبا لله " . .
أشد حبا لله،
حبا مطلقا من كل موازنة،
ومن كل قيد.
أشد حبا لله من كل حب يتجهون به
إلى سواه.
إلى سواه.
والتعبير هنا بالحب تعبير جميل،
فوق أنه تعبير صادق.
فالصلة بين المؤمن الحق وبين الله
هي صلة الحب. صلة الوشيجة القلبية،
والتجاذب الروحي.
صلة المودة والقربى.
صلة الوجدان المشدود بعاطفة
الحب المشرق الودود.
" ولو يرى الذين ظلموا
إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا
الحب المشرق الودود.
" ولو يرى الذين ظلموا
إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا
وأن الله شديد العذاب.
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا
ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب.
وقال الذين اتبعوا لوأن لنا كرة
فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا
فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا
كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم،
وما هم بخارجين من النار " . .
أولئك الذين اتخذوا من دون الله اندادا فظلموا الحق،
وظلموا أنفسهم . .
وما هم بخارجين من النار " . .
أولئك الذين اتخذوا من دون الله اندادا فظلموا الحق،
وظلموا أنفسهم . .
لو مدوا بأبصارهم
إلى يوم يقفون بين يدي الله الواحد!
إلى يوم يقفون بين يدي الله الواحد!
لو تطلعوا ببصائرهم إلى يوم يرون العذاب الذي ينتظر الظالمين!
لو يرون لرأوا " أن القوة لله جميعا "
فلا شركاء ولا انداد . .
" وأن الله شديد العذاب " .
لو يرون إذ تبرأ المتبوعون من التابعين.
" وأن الله شديد العذاب " .
لو يرون إذ تبرأ المتبوعون من التابعين.
ورأوا العذاب. فتقطعت بينهم الأواصر والعلاقات
والأسباب،
والأسباب،
وانشغل كل بنفسه تابعا كان أم متبوعا.
وسقطت الرياسات
والقيادات التي كان
والقيادات التي كان
المخدوعون يتبعونها،
وعجزت عن وقاية أنفسها
فضلا عن وقاية تابعيها.
وظهرت حقيقة
الألوهية
الواحدة والقدرة الواحدة،
الألوهية
الواحدة والقدرة الواحدة،
وكذب القيادات الضالة وضعفها وعجزها
أمام الله وأمام العذاب.
أمام الله وأمام العذاب.
وتبدى الحنق والغيظ من التابعين المخدوعين
في القيادات الضالة.
في القيادات الضالة.
وتمنوا لو يردون لهم الجميل!
لو يعودون إلى الأرض
فيتبرأوا من تبعيتهم لتلك القيادات العاجزة الضعيفة في حقيقتها،
فيتبرأوا من تبعيتهم لتلك القيادات العاجزة الضعيفة في حقيقتها،
التي خدعتهم ثم
تبرأت منهم أمام العذاب!
إنه مشهد مؤثر:
تبرأت منهم أمام العذاب!
إنه مشهد مؤثر:
مشهد التبرؤ والتعادي والتخاصم بين التابعين والمتبوعين.
بين المحبين والمحبوبين!
وهنا يجيء التعقيب الممض المؤلم:
" كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم،
وهنا يجيء التعقيب الممض المؤلم:
" كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم،
وما هم بخارجين من النار " . .
| | |
بعد هذا يمضي السياق يدعو الناس إلى التمتع بطيبات الحياة،
| | |
بعد هذا يمضي السياق يدعو الناس إلى التمتع بطيبات الحياة،
والبعد عن خبائثها،
محذرا من اتباع
الشيطان، الذي يأمرهم بالخبائث،
الشيطان، الذي يأمرهم بالخبائث،
والادعاء على الله في التحليل والتحريم
بغير إذن منه ولا تشريع؛
ويحذرهم من التقليد في شأن العقيدة
بغير هدى من الله،
-----
في ظلال القرآن
-----
في ظلال القرآن
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home