الحاكم الصالح
[ ذا القرنين]
الحاكم الصالح
-----
تبدأ هذه القصة بالآية الثانية
والثمانين
وتستمر إلى نهاية الثامنة والتسعين من سورة الكهف
وهي أحد الأمور
الثلاثة
التي أشار يهود المدينة على مشركي مكة
بسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها . .
يستهل الله تبارك وتعالى القصة بالرد
المباشر على سؤال القوم :
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ
قُلْ
سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً }
الكهف83
ثم يمضي في عرض المضمون ،
معرفة
شخصية الرجل الطواف بتصوير أعماله ،
فهو مؤيد من قبله تعالى بالتمكين في الأرض ،
وقد آتاه الله أسباب النصر من جيوش وآلات :
{ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً }
الكهف84
وأمده بألمعيةٍ نادرة وخبرة نامية
،
تسعفه بالحل المحكم لكل معضلة تعترضه :
{ فَأَتْبَعَ سَبَباً }الكهف85
وهو قد سخـَّر هذه القوى جميعاً
لإعلاء كلمة الله ،
ونشر دعوته في الأرض ،
فامتدَّ ملكه غرباً إلى شواطئ
بحر الظلمات ،
حيث يحسب الناظر إلى الشمس
أنها تغرب في طين أسود حار ،
فلا يتوقع
أن يكون وراءها مكان للأحياء ،
وامتد شرقاً حتى بلغ أقصى المسكونة أيامذاك . .
وقد تغلب على جميع الشعوب
المنتشرة ما بين المشرقين ،
ينشر فيها كلمة الله ويقيم عدالته . .
ففي المغرب قسا على الظالمين ،
ورفع أوزارهم عن أعناق المساكين :
{ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ }
الكهف87
وألان جانبه للأتقياء الصالحين ،
فكافأهم على إحسانهم بالإكرام والتقدير اللائق بهم :
{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى }
الكهف88
وفي الشرق وجد شعوبا بدائية لم
تعرف البناء ولا الحضارة ،
فهي تعيش كالعجماوات لا تعرف كيف تقي نفسها لذع الشمس :
{ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ
نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً }
الكهف90
ثم لقي شعوباً أخرى غرباء اللسان
لا يكاد المتكلم مهما بلغ حذقه
يجد وسيلة للتفاهم معهم إذ :
{ لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً }
الكهف93
وقد تسلط عليهم جيرانٌ من
المتوحشين ذوو عدد هائل ،
وفتك بالغ ،
لا يعرفون وازعاً من دين ولا عقل ،
يتدفقون
على أولئك المساكين من فجوة بين جبلين ،
فلا يكاد يسلم من شرهم أحد ! .
فلما رأى المظلومون إنسانية الفاتح العظيم
لجئوا إليه يناشدونه
أن
يسدّ دونهم تلك الفجوة الرهيبة
على أن يقدموا إليه كل ما يفرضه من أجر :
{ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ
فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن
تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }
الكهف94
ولكن الرجل الذي وقف حياته على الخير
قد حقق
لهم ما أرادوه ،
دون أن يكلفهم شيئاً سوى معونتهم في العمل
وتكديس قطع الحديد بين
طرفي الجبلين :
{ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ
فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً }
الكهف95
حتى إذا تم له ما شاء أمر بالنار
فسلطت على الحديد ،
حتى أحالته كتلة واحدة ،
وهناك دعا بمذاب النحاس فطلى به
الحديد ،
ليكون أثبت على الدهر وابعد من التآكل . .
وهكذا انتهت مأساة يأجوج ومأجوج ،
إذ وجدوا أنفسهم محجوزين وراء
ذلك السد ،
الذي استعصى عليهم :
{ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا
اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً }
الكهف97
* * *
ولقد استهوت هذه القصة خيال الإخباريين وبعض المفسرين ،
فإذا بهم يخرجون بها عن نطاق الواقعية التاريخية
إلى مجالات الخرافة التي لا تتقيد
بواقع ولا قانون . .
فأكثروا من التمحلات حول أحداثها ،
حتى جاءوا بما يضحك الثكلى
،
وكادوا يضيعون على القارئ
فائدة القصة كما أرادها الله ! .
وبقليل من التأمل والتتبع
يدرك الباحث أن معظم هاتيك
الأساطير وافدة عن طريق أهل الكتاب
الذين اعتادوا أن يتلقوا أخبار أحبارهم ووعاظهم
دون تحقيق ! .
وهكذا اضطربت آراء المفسرين في شخصية ( ذي القرنين ) ،
فذهب بعضهم إلى انه الاسكندر المقدوني صاحب أرسطو ،
ولكن كثيرين
منهم فطنوا إلى نسبته العربية البارزة في كلمة ( ذو )
التي هي من ألقاب
التبابعة اليمنيين . .
ولعل أبا تمام ، وهو الشاعر المعني بالتاريخ ،
قد قربنا إلى حقيقة الرجل حين قال
يصف مناعة عمورية يوم فتحها المعتصم :
وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها
كـِسرى وصدت صدوداً عن أبي كربِ
من عهد إسكندر أو قبل ذلك قد
شابت نواصي الليالي وهي لم تشبِ
فأبو كرب هذا فاتح عربي يوازي
في الذكر كسرى والاسكندر
وهو يحمل هويته
العربية في كنيته ،
ولا يبعد أن يكون هو ( ذا
القرنين ) نفسه ! .
وفي البداية والنهاية لابن كثير
تعليلات كثيرة لاسمه ونسبه ،
ومعظمها منصب على اعتباره عربياً يمنياً . .
ففي احدى
رواياته يقول :
ان اسمه " الصعب بن ذي
مرائد
" وهو من التبابعة ،
واذا كان ذلك
معقولاً فلا حاجة الى تخمين بشأن اسمه ،
إذ بات مقطوعاً بأنه من ألقاب التبابعة .
وكذلك اضطربت أحاديث القصاصين في شأن يأجوج ومأجوج ،
حتى جعلوهم من غير البشر
ولعل ما قيل
فيهم أنهم شعوب المغول ،
كانوا أثناء رحلة ( ذي
القرنين ) في النهاية من التوحش
ثم تدرجت بهم
الحياة في سلم التطور ،
حتى زايلهم كثير من صفاتهم الأولى .
ويؤكد ذلك أخبار البعثة التي أرسلها الخليفة ( الواثق )
لكشف موقع السد ،
فعادت بعد عامين تحدد موقعه
في الزاوية الشمالية الشرقية من
الأرض ،
وهي بالنسبة إلى بغداد
في اتجاه الحدود الصينية الروسية
حيث منبع الجنس
المغولي !
* * *
ولكي نلم ببعض عبر القصة
نرجع البصر في موقعها من السياق
القرآني أولاً
حيث نرى قصة ( موسى ) و ( الخضر )
كأنما هي تقديم مقصود لأحداث ( ذي القرنين )
وأعماله العظيمة سواء من الناحية العسكرية أو السياسية
.
إن هذا الفاتح الكبير يعطينا مثلاً رائعاً للحروب المشروعة ،
التي تستهدف مثلاً أعلى مما
يـُتصور من مفهوم الاستقلال القومي
أو الأغراض الاقتصادية المحلية ،
أو التغييرات
الاجتماعية التي تنطلق من مكامن الأهواء والتقليد المحض .
إنها حروب إنسانية ،
هدفها الوحيد تطهير الأرض من سلطان
الطواغيت
سواء كانوا الأقربين أو الأبعدين .
ولقد كان المعهود في الفتوح العسكرية القديمة
أنها عمليات
تدمير ،
لا هدف لها سوى القضاء على الخصوم ،
بتحطيم قواهم الحربية ،
ومصادرة
أوطانهم ،
واسترقاق شعوبهم . .
ثم تسفر المعارك عن خرائب وأشلاء
يطؤها الفاتح
مـَزهوَّاً بانتصاره وقدرته على الإبادة ! .
لذلك كانت فتوح ( ذي القرنين ) بدعاً في الفتوح ،
لأن غرضها إقامة أنموذج للحكم الرباني
،
لا يعدو تحقيق العدل ، ونشر الهدى ، وحماية الضعيف ،
ورد الناس إلى ربهم . .
ومن هنا كان هذا الغزو درساً رائعاً للحكام في كل زمان
ومكان ،
يعلمهم أن السلطان ليس وسيلة إلى انتهاب الممتلكات واغتيال الحريات ،
وتمزيق الحرمات ، تحت ستار الإصلاح ! .
وان الحاكم العظيم
ليس هو الذي تسوقه نزوات الحقد العمياء
إلى البطش بكل ذي عزة وإباء
ولكنه ذلك القوي الأمين ،
الذي يضع كل طاقاته في خدمة الحق
ويخضع جميع تصرفاته
لطاعة الله ! .
فإذا كانت قصة ( موسى )
مظهراً لجلال العلم والجهاد في طـُلابه
ومثلاً بارعاً في العدالة والرحمة من زاوية فردية
محضة ،
فقصة ( ذي القرنين )
لا بد منها لعرض هذه المـُـثــل في الواقع البشري العام ،
ممثلة في
دولة إلهية تحقق أروع النماذج للعدالة العليا ،
التي تعطي كل ذي حق حقه .
فلا تقسو على الكريم ،
ولا ترق للئيم ،
بل تقول لهذا وذاك :
{ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ
فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ
ثُمَّ يُرَدُّ
إِلَى رَبِّهِ
فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً }
الكهف87
{
وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُ
جَزَاء الْحُسْنَى
وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً}
الكهف88
* * *
ونتابع النظر إلى ما بعد القصة من خواتيم السورة
. . فإذا
نرى ؟
مشاهد رهيبة تثب بنا إلى نهايات الحياة ،
ثم لا نلبث أن
تطل بنا على طلائع الحشر المرعبة . .
فإذا السدِّ قد سـُوِّيَ بالأرض ،
وإذا الفتن تعم البشر حتى يموج
بعضهم في بعض ،
فلا ينتزعهم من أعاصيرهم إلا نذير القيامة ،
يملأ الدنيا بدوي مخيف
لا سبيل إلى وصف هوله ! .
ولا حاجة بنا إلى تحقيق هوية هؤلاء المائجين في زوابع الفتن ،
لنتبين
أهم الذين ذكرهم الله أثناء القصة باسم
" يأجوج ومأجوج "
قد أخذوا يتدفقون على شعوب
الأرض في ُأخريات الحياة ؟ .
أم هـُم آخرون من غيرهم اتصفوا بمثـل صفاتهم
؟
لأن كلمتي " يأجوج ومأجوج
"
ليس لزاماً أن تكون علماً على قوم بأعينهم
بل ربما تفيدان صفة مشتقة من
مدلولها اللغوي .
ففي المعجم :
"
أج الماء " : مـَرّ واشتدت ملوحته ،
و
" أجه " : صيره كذلك . .
و " أجـّت النار " :
اضطرمت وتلهبت . .
و " أجـَّج " على العدو :
حمل عليه وكرّ . .
و " الأجـة " و
" الأجيج "
: الصوت المنبعث من اختلاط
الكلام والمشي . .
ومن مجموع هذه الجذور اللغوية نفهم
أن كل قوم أو أقوام اجتمعت فيهم
صفات الشدة والكثرة والفتك
فهم حقيقون باسم " يأجوج
ومأجوج " . .
ومما يدعم هذا الاتجاه ما رواه البخاري
ومسلم
من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
" ويلٌ للعربِ من شر قد اقترب "
فـُتح
اليومَ من رَدم يأجوج ومأجوج مثل هذه . .
وحلق تسعين – أي ضم السبابة إلى الإبهام .
.
وقد علق ابن كثير في " البداية
والنهاية "
على هذا الحديث بقولين ، أحدهما أنه إشارة
إلى فتح أبواب الشر
والفتن عن طريق الاستعارة وضرب المثل .
ولعمري أن البشرية اليوم لتعاني بوادر البلاء العام ،
في صور شتى من
الفتن ، كل منها يدع الحليم حيران .
ولعل أقربها إلينا تلك الحربان العالميتان اللتان
التهمتا ستين مليوناً من أبناء آدم .
التهمتا ستين مليوناً من أبناء آدم .
ثم هذا الصراع المذهبي
الذي يرمي الشرق وبخاصة ( الأقصى )
بحروب لا تنتهي ،
الذي يرمي الشرق وبخاصة ( الأقصى )
بحروب لا تنتهي ،
حيث تزهق كل يوم
أرواح البشرية بغير حساب ،
وحيث تنتشر المآسي على نطاق
وأشكال لم يحلم بمثلها قط
وحوش الغابات !
والذي يخيفنا من الحديث بوجه أخص ،
هو ما ينتظر العرب من تلك الأرزاء
،
التي يخشاها رسول الله عليهم ،
والتي لا يستبعد
أن يجرهم إليها المغامرون من هواة الطغيان . .
ولا سيما إذا تذكرنا ما في ربوعهم
من مادة القوة التي لا يستغني عنها
مؤججو تلك النيران .
ونمضي مع خواتيم السورة إلى ما وراء هذه الأحداث الرهيبة ،
من طلائع القيامة ووقائع الحشر ،
فإذا جهنم ُتعـرض على الكافرين الذين طالما كذبوا بها ،
دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير برسالات
ربها :
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ
وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً {99}
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً {100}
الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء
عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا
يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً
}101الكهف
يقابل ذلك مطالع الرحمة الإلهية متجلية في مصير المتقين ،
تحت ظلال الفردوس الأعلى :
{
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً }
الكهف108
وبعد أن تتنازعنا لفحات الهول ونفحات البشرى ،
بين فجائع
الجحيم ،
ومراتع النعيم ،
نسمع القرار الإلهي يتدفق على لسان ( محمد )
صلى
الله عليه وسلم
ليدل الناس على طريق النجاح :
فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً
وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
الكهف110
ويا لها من صلة ً
وثيقة الأسباب بين جهاد ( ذي القرنين )
ومصير الحياة والعالمين !
إن في هذا الترابط لصورة من التسلسل الخفي
القائم بين
حياتنا الزائلة في هذه الدنيا ،
وبين حياتنا الخالدة في المرحلة القادمة الأخرى .
صورة تقول لنا بلسان صامت ولكنه ُمبين :
" حذار أن ُتشغـَلوا بيومكم عن غدكم ،
وبمعبركم عن مستقركم ،
فيلهيكم
الأمل وينسيكم ما وراء الأجل ! .
ثم لا تنسوا إذا وعيتم هذه الحقيقة الكبيرة أن مصيركم
من كسب أيديكم ،
فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ،
وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم " .
* * *
وأخيراً . .
أي قصة هذه التي تحمل إلينا
في كلماتها
القليلة كل هذه المواعظ الجليلة .
ذلك هو أدب السماء الذي طالما علم الجاهلين ،
وأضاء قلوب
العـَـمِـين ،
فجعل منهم هداة الضائعين ،
وقادة العالمين ، إلى الحق المبين :
{
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }
البقرة -1
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ،
مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ،
كمثل قوم استهموا على سفينة ،
فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ،
فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ،
فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ،
ولم نؤذ من فوقنا ،
فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ،
وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 2493
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
[ شرح الحديث ]
و في هذا الحديث يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
[ شرح الحديث ]
و في هذا الحديث يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم
إلى وحدة الأمة وتضامنها ،
ومسؤولية بعضها تجاه بعض ،
وأنها كالجسم الواحد إذا أصاب أي عضو منه فساد
فإنه لا يلبث أن يسري إلى الجسم كله .
ويبين الحديث كذلك مسؤولية الطبقة العليا من العلماء
ويبين الحديث كذلك مسؤولية الطبقة العليا من العلماء
والولاة والحكام نحو من دونهم من العامة والدهماء ،
وأن الواجب عليهم أن يحسنوا قيادتهم وتوجيههم
وأن يأخذوهم بآداب الشريعة وأحكامها
فيأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر
ولا يسمحوا للفاحشة أن تشيع فيهم
ولا للفساد أن يستشري بينهم .
فإن فعلوا ذلك ، وكفوا هؤلاء عن العبث في الأرض بالفساد ،
فإن فعلوا ذلك ، وكفوا هؤلاء عن العبث في الأرض بالفساد ،
ومنعوهم من السير في سبيل الغواية والضلال أنجوا أنفسهم ،
بل وأنجوا هؤلاء الذين نصحوا لهم ،
وفي ذلك نجاة الأمة كلها
من خطر التدهور والضلال .
وأما إذا لم يقم الراشدون بما أفترض الله عليهم من المحافظة على حدوده ،
وألقوا حبل العابثين على غاربهم ،
وتركوهم ينغمسون في حمأة الرذيلة ويخوضون في الباطل خوضا ،
فإنهم بذلك يعرضون أمتهم لخطر ماحق ،
حيث يستشري الفساد ،
وتمتد موجة التحلل حتى تعم المجتمع كله ،
وحينئذ لا ينفع ولا يغني التلوم فقد فات الوقت وضاعت الفرصة ،
وصدق الله العظيم إذ يقول
(( واتقوا فتنة لا تصيبن
الذين ظلموا منكم خاصة ))
الأنفال : 25 .
وقد تضمن هذا الحديث الكريم تشبيه :
فقد شبهت فيه أحكام الشريعة
الغراء في حفظها لسلامة المجتمع
وكفالتها لأمنه
وطمأنينته بالسفينة التي تمخر عباب اليم ،
وتقطع براكبيها أجواز البحر في أمن ودعة
وسلامة من المخاطر
متى سددوا قيادها ،
وأحسنوا تصريفها . !! -2
-----
المصادر
1- طباعة وتنسيق موسى الكايد العتوم
2-منتديات :داماس
المصادر
1- طباعة وتنسيق موسى الكايد العتوم
2-منتديات :داماس
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home