وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)﴾
والله الذي لا إله إلا هو، ما من شيءٍ في
الدّنيا أثْمَنُ من هذه المودّة، والمحبّة التي يخلقها الله بين المؤمنين،
لو أنّ الدّنيا قاسيَة، والحياة خشِنَة، والمصائب كثيرة، لو أنّ الأزمات
كثيرة، لكنّ المودّة، والمحبّة بين المؤمنين تُنسي كلّ مصيبة، وكلّ حياةٍ
صعبة، قال تعالى:
﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)﴾
أيها الإخوة المؤمنون، المؤمنون بعضهم لبعض
نصَحَةٌ متوادّون ولو ابتَعَدَتْ منازلهم، والمنافقون بعضهم لبعض غشَشَةٌ
متحاسدون ولو اقتربَتْ منازلهم، ما تحابّ اثنان في الله إلا كان أقربهما
إلى الله عز وجل أشدّ حبًّا لصاحبه،وما تحابّا اثنان في الله فافترقا إلا بِذَنْبٍ أصابه أحدهما،
وما أقبلَ العبد على الله عز وجل إلا جعَل قلوب المؤمنين تنْساقُ إليه بالمودّة والرحمة،
هذه الأحاديث تبيانٌ لهذه الآية، هذه الآية تنظُم العلاقة بين الناس،
الأصْل في العلاقة بين الناس المودَّة والرحمة، الأصل في العلاقة بين الشعوب لِتَعارفوا،
قال تعالى:
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾
الأصل في العلاقة بين الزوجين المودّة والرحمة، قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾
هذا التصميم الإلهي، هذه فطرة الله عز وجل،
الإنسان بِبُعده عن الله تعالى يمتلأُ قلبهُ قسْوةً، وفضاضة، وبُعْدًا،
عندئذٍ تنشأ المشكلات، وتُصبح الحياة جحيمًا، والبيت جحيمًا لا يُطاق،
الزوج يكرهُ الزوجة، ويغضبُ لأتفه الأسباب، هي تُكِنّ له العداوة، تتكلّم
عليه في غَيبتِهِ، وينشأ الأولاد في هذا الجوّ الفاسِد، ويكفرون بالأُسرة،
ما رأوا في الأُسرة سعادةً لهم، لماذا ؟ لبُعدِ الزوجين عن الله تعالى، لو
أنّ الزّوجين أطاعا ربّهما لتولّى الله التوفيق بينهما، وجعل الله بينهما
مودّة ورحمة، لكنّ الزوجين إذا عصيَا ربّهما تولّى الشيطان التفريق بينهما،
فينشأ الأولاد في خُصومات ما بعدها خُصومات.
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾
منقول من خطبة المحبة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1986-11-07
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home