إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ
(عليه العوض منه العوض
مقبلش من غيره العوض..
يارب راض بقسمتي ..
بالفقر والجوع والمرض..
بخاف من الضحكة والتكشيرة
واللي في قلبه بيداري الغيرة..
من إللي بيضحك وبيحسدني..
وعين القلب يارب بصيرة)
***
يا الله يا الله ..
يارب سلم منهم
من غلهم وجهلهم
وأزرع في قلبي المغفرة
لما يزيدوا في ظلمهم ..
***
(النار بتاكل نفسها من غلها ومن يأسها..
والروح يارب بقدرتك مفيش شيطان هيمسها..
إحنا اتخلقنا مسلمين..
وخاشعين نطلب رضاك
ومفيش سواك وبنور جلالك نستعين).
***
في رياض الحُسن الرباني..
أنا برا مكاني وزماني..
اشجار بتسبح لخالقها..
وزهور بتطير من بستاني..
الدنيا حلم بتحلموه..
هتندموا لو تفهموه..
استغفروا رب العظيم..
واتعلموا إزاي تحمدوه)
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ
وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ
وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ
يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ
إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
77 -89 الشعراء
يعلم القرآن المؤمنين
أن لا مجاملة في العقيدة لوالد ولا لقوم؛
وأن الرابطة الأولى ..هي
رابطة العقيدة،
وأن القيمة الأولى ..هي
قيمة الإيمان
وأن ما عداه تبع له يكون حيث يكون.
واستثنى إبراهيم " رب العالمين
من عدائه لما يعبدون هم وآباؤهم الأقدمون: "
فإنهم عدو لي
إلا رب العالمين
" . . فقد يكون من آبائهم الأقدمين من عبد الله،
قبل أن تفسد عقيدة القوم وتنحرف؛
وقد يكون من عبد الله ولكن أشرك معه آلهة أخرى مدعاة
فهو الاحتياط إذن في القول،
والدقة الواعية في التعبير،
الجديران بإبراهيم - عليه السلام
- في مجال التحدث عن العقيدة وموضوعها الدقيق.
ثم يأخذ إبراهيم - عليه السلام - في صفة ربه
رب العالمين
وصلته به في كل حال
وفي كل حين
فنحس القربى الوثيقة،
والصلة الندية،
والشعور بيد الله في كل حركة ونأمة،
وفي كل حاجة وغاية.
" الذي خلقني فهو يهدين
. والذي هو يطعمني ويسقين
. وإذا مرضت فهو يشفين
. والذي يميتني ثم يحيين
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " . .
ونستشعر من صفة إبراهيم لربه،
واسترساله في تصوير صلته به، أنه يعيش بكيانه كله مع ربه.
وأنه يتطلع إليه في ثقة،
ويتوجه إليه في حب؛
وأنه يصفه كأنه يراه،
ويحس وقع إنعامه وإفضاله عليه بقلبه
ومشاعره وجوارحه . .
والنغمة الرخية في حكاية قوله في القرآن تساعد على إشاعة هذا الجو
وإلقاء هذا الظل، بالإيقاع العذب الرخي اللين المديد . .
" الذي خلقني فهو يهدين
" . . الذي أنشأني من حيث يعلم ولا أعلم؛
فهو أعلم بماهيتي
وتكويني، ووظائفي ومشاعري،
وحالي ومآلي: "
فهو يهدين
" إليه، وإلى طريقي الذي أسلكه،
وإلى نهجي الذي أسير عليه.
وكأنما يحس إبراهيم - عليه السلام
أنه عجينة طيعة في يد الصانع المبدع،
يصوغها كيف شاء،
على أي صورة أراد
. إنه الاستسلام المطلق في طمأنينة وراحة وثقة ويقين.
" والذي هو يطعمني ويسقين
. وإذا مرضت فهو يشفين
" فهي الكفالة المباشرة الحانية
الراعية، الرفيقة الودود،
يحس بها إبراهيم في الصحة والمرض
. ويتأدب بأدب النبوة الرفيع،
فلا ينسب مرضه إلى ربه –
وهو يعلم أنه بمشيئة ربه يمرض ويصح
- إنما يذكر ربه في مقام الإنعام و الإفضال
إذ يطعمه ويسقيه . . ويشفيه . .
ولا يذكره في مقام الابتلاء حين يبتليه.
" والذي يميتني ثم يحيين
" . . فهو الإيمان بأن الله هو الذي يقضي الموت،
وهو الإيمان بالبعث
والنشور في استسلام و رضي عميق.
" والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين
" . . فأقصى ما يطمع فيه إبراهيم – عليه السلام
- النبي الرسول، الذي يعرف ربه هذه المعرفة،
ويشعر بربه هذا الشعور،
ويحس في قرارة نفسه هذه القربى . .
أقصى ما يطمع فيه أن يغفر له ربه خطيئته يوم الدين
فهو لا يبرئ نفسه،
وهو يخشى أن تكون له خطيئة،
وهو لا يعتمد على عمله،
ولا يرى أنه يستحق بعمله شيئا،
إلا أنه يطمع في فضل ربه،
ويرجو في رحمته،
وهذا وحده هو الذي يطمعه في العفو والمغفرة.
إنه شعور التقوى، وشعور الأدب،
وشعور التحرج؛
وهو الشعور الصحيح بقيمة نعمة الله
وهي عظيمة عظيمة،
وقيمة عمل العبد وهو ضئيل ضئيل.
وهكذا يجمع إبراهيم في صفة ربه عناصر العقيدة الصحيحة:
توحيد الله رب العالمين.
والإقرار بتصريفه للبشر في أدق شؤون حياتهم على الأرض
والبعث والحساب بعد الموت
وفضل الله وتقصير العبد.
وهي العناصر التي ينكرها قومه، وينكرها المشركون.
ثم يأخذ إبراهيم الأواه المنيب في دعاء رخي مديد،
يتوجه به إلى ربه في إيمان وخشوع؛
" رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين
واجعل لي لسان صدق في الآخرين
واجعلني من ورثة جنة النعيم
واغفر لأبي إنه كان من الضالين.
ولا تخزني يوم يبعثون
يوم لا ينفع مال ولا بنون،
إلا من أتى الله بقلب سليم " .
والدعاء كله ليس فيه طلب لعرض من أعراض هذه الأرض؛
ولا حتى صحة البدن
إنه دعاء يتجه إلى آفاق أعلى؛
تحركه مشاعر أصفى
ودعاء القلب الذي عرف الله فأصبح يحتقر ما عداه.
والذي ذاق فهو يطلب المزيد؛
والذي يرجو ويخاف في حدود ما ذاق وما يريد.
" رب هب لي حكما "
أعطني الحكمة التي أعرف بها القيم الصحيحة والقيم الزائفة،
فأبقى على الدرب يصلني بما هو أبقى.
" وألحقني بالصالحين
" . . يقولها إبراهيم النبي الكريم الأواه الحليم
فيا للتواضع! ويا للتحرج!
ويا للإشفاق من التقصير!
ويا للخوف من تقلب القلوب !
ويا للحرص على مجرد اللحاق بالصالحين!
بتوفيق من ربه إلى العمل الصالح الذي يلحقه بالصالحين!
" واجعل لي لسان صدق في الآخرين " . .
دعوة تدفعه إليها الرغبة في الامتداد،
لا بالنسب
ولكن بالعقيدة؛
فهو يطلب إلى ربه أن يجعل له فيمن يأتون أخيرا لسان صدق يدعوهم إلى الحق،
ويردهم إلى الحنيفية السمحاء دين إبراهيم
ولعلها هي دعوته في موضع آخر.
إذ يرفع قواعد البيت الحرام هو وابنه إسماعيل ثم يقول: "
ربنا واجعلنا مسلمين لك
. ومن ذريتنا أمة مسلمة لك،
وأرنا مناسكنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم
. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك،
ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم، إنك أنت العزيز الحكيم
" . . وقد استجاب الله له،
وحقق دعوته، وجعل له لسان صدق في الآخرين،
وبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم
الكتاب والحكمة ويزكيهم
. . وكانت الاستجابة بعد آلاف من السنين
. هي في عرف الناس أمد طويل،
وهي عند الله أجل معلوم،
تقتضي حكمته أن تتحقق الدعوة المستجابة فيه.
" واجعلني من ورثة جنة النعيم
" . . وقد دعا ربه - من قبل - أن يلحقه بالصالحين، بتوفيقه
إلى العمل الصالح، الذي يسلكه في صفوفهم.
وجنة النعيم يرثها عباد الله الصالحون.
" واغفر لأبي إنه كان من الضالين
" . . ذلك على الرغم مما لقيه إبراهيم - عليه السلام - من
أبيه من غليظ القول وبالغ التهديد.
ولكنه كان قد وعده أن يستغفر له، فوفى بوعده.
وقد بين القرآن فيما بعد أنه لا يجوز الاستغفار للمشركين
ولو كانوا أولي قربى؛ وقرر أن إبراهيم استغفر لأبيه بناء على موعدة وعدها إياه "
فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه "
وعرف أن القرابة ليست قرابة النسب، إنما هي
قرابة العقيدة
. . وهذه إحدى مقومات التربية الإسلامية الواضحة
. فالرابطة الأولى هي رابطة العقيدة في الله،
ولا تقوم صلة بين فردين من بني البشر إلا على أساسها
. فإذا قطعت هذه الصلة انبتت سائر الوشائج؛
وكانت البعدى التي لا تبقى معها صلة ولا وشيجة.
" ولا تخزني يوم يبعثون،
يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم " . .
ونستشف من قولة إبراهيم - عليه السلام
- : " ولا تخزني يوم يبعثون " مدى شعوره بهول اليوم الآخر؛
ومدى حيائه من ربه،
وخشيته من الخزي أمامه، وخوفه من تقصيره
. وهو النبي الكريم
. كما__نستشف من قوله: "
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "
. مدى إدراكه لحقيقة
ذلك اليوم
. وإدراكه كذلك لحقيقة القيم
. فليست هنالك من قيمة في يوم الحساب إلا قيمة الإخلاص.
إخلاص القلب كله لله، وتجرده من كل شائبة،
ومن كل مرض، ومن كل غرض.
وصفائه من الشهوات والانحرافات.
وخلوه من التعلق بغير الله
. فهذه سلامته التي تجعل له قيمة ووزنا "
يوم لا ينفع مال ولا بنون " ؛
ولا ينفع شيء من هذه القيم الزائلة الباطلة،
التي يتكالب عليها المتكالبون في الأرض؛
وهي لا تزن شيئا في الميزان الأخير!
***
منقول .. للتدبر
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home