هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ
هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ"
فكل ما يقع في هذا الوجود،
مشدود إلى المشيئة الكبرى،
يمضي في اتجاهها وفي داخل مجالها.
فلا يقع أن يشاء أحد من خلقه ما يتعارض مع مشيئته،
ومشيئته تسيطر على أقدار الوجود كله،
وهي التي أنشأته وأنشأت نواميسه وسننه،
فهو يمضي بكل ما فيه وكل من فيه في إطار من تلك المشيئة المطلقة
من كل إطار ومن كل حد ومن كل قيد.
والذكر توفيق من الله
ييسره لمن يعلم من حقيقة نفسه أنه يستحق التوفيق
والقلوب بين أصبعين
من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
. فإذا علم من العبد صدق النية وجهه إلى الطاعات.
والعبد لا يعرف ماذا يشاء الله به.
فهذا من الغيب المحجوب عنه.
ولكنه يعرف ماذا يريد الله منه،
فهذا مما بينه له.
فإذا صدقت نيته في النهوض بما كلف
أعانه الله ووجهه وفق مشيئته الطليقة.
والذي يريد القرآن أن يطبعه في حس المسلم
هو طلاقة هذه المشيئة،
وإحاطتها بكل مشيئة،
حتى يكون التوجه إليها من العبد خالصا،
والاستسلام لها ممحضا
.. فهذه هي حقيقة الإسلام القلبية التي لا
يستقر في قلب بدونها
وإذا استقرت فيه كيفته تكييفا خاصا من داخله،
وأنشأت فيه تصورا خاصا
يحتكم إليه في كل أحداث الحياة
.. وهذا هو المقصود ابتداء من تقرير طلاقة المشيئة الإلهية وشمولها عقب
الحديث عن كل وعد بجنة أو نار، وبهدى أو ضلال.
فأما أخذ هذا الإطلاق،
والانحراف به إلى جدل حول الجبر والاختيار،
فهو اقتطاع لجانب من
تصور كلي وحقيقة مطلقة،
والتحيز بها في درب ضيق مغلق لا ينتهي إلى قول مريح
. لأنها لم تجيء في
السياق القرآني لمثل هذا التحيز في الدرب الضيق المغلق!
" وما يذكرون إلا أن يشاء الله
" .. فهم لا يصادمون بمشيئتهم مشيئة الله،
ولا يتحركون في
اتجاه، إلا بإرادة من الله،
تقدرهم على الحركة والاتجاه.
والله " هو أهل التقوى " .. يستحقها من عباده.
فهم مطالبون بها ..
" وأهل المغفرة " .. يتفضل بها على عباده وفق مشيئته.
والتقوى تستأهل المغفرة،
والله - سبحانه - أهل لهما جميعا.
والله - سبحانه - أهل لهما جميعا.
بهذه التسبيحة الخاشعة تختم سورة المدثر،
وفي النفس منها تطلع إلى وجه الله الكريم،
أن يشاء بالتوفيق إلى الذكر،
والتوجيه إلى التقوى، والتفضل بالمغفرة
في ظلال القرآن
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home