تبارك الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير

سورة تبارك -
تعالج إنشاء تصور جديد للوجود وعلاقاته بخالق
الوجود.
تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود،
إلى عوالم في السماوات،
وإلى حياة في الآخرة.
وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض
الوجود.
تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود،
إلى عوالم في السماوات،
وإلى حياة في الآخرة.
وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض
كالجن والطير، وفي العالم الآخر
كجهنم وخزنتها
وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر
تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم،
كجهنم وخزنتها
وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر
تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم،
فلا تستغرق في الحياة الحاضرة الظاهرة،
في هذه الأرض
. كما أنها تثير في حسهم التأمل فيما بين أيديهم وفي واقع
حياتهم وذواتهم مما يمرون به غافلين.
وهي تهز في النفوس جميع الصور والإنطباعات والرواسب الجامدة
حياتهم وذواتهم مما يمرون به غافلين.
وهي تهز في النفوس جميع الصور والإنطباعات والرواسب الجامدة
الهامدة المتخلفة من تصور
الجاهلية وركودها؛
الجاهلية وركودها؛
وتفتح المنافذ هنا وهناك،
وتنفض الغبار وتطلق الحواس والعقل والبصيرة ترتاد آفاق
الكون، وأغوار النفس،
الكون، وأغوار النفس،
وطباق الجو، ومسارب الماء،
وخفايا الغيوب،
فترى هناك يد الله المبدعة
وتحس حركة الوجود المنبعثة من قدرة الله.
وتؤوب من الرحلة وقد شعرت أن الأمر أكبر،
وأن المجال أوسع.
وتحولت من الأرض - على سعتها - إلى السماء.
وتحولت من الأرض - على سعتها - إلى السماء.
ومن الظواهر إلى الحقائق. ومن الجمود إلى الحركة.
مع حركة القدر، وحركة الحياة، وحركة الأحياء.
الموت والحياة أمران مألوفان مكروران.
مع حركة القدر، وحركة الحياة، وحركة الأحياء.
الموت والحياة أمران مألوفان مكروران.
ولكن السورة تبعث حركة التأمل فيما وراء الموت
والحياة من قدر الله وبلائه،
والحياة من قدر الله وبلائه،
ومن حكمة الله وتدبيره:
" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن
عملا، وهو العزيز الغفور " .
والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته،
عملا، وهو العزيز الغفور " .
والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته،
ولا تلتفت لما فيه من كمال.
ولكن السورة تبعث حركة التأمل والإستغراق في هذا الجمال والكمال
وما وراءها من حركة وأهداف:
" الذي خلق سبع سماوات طباقا.
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر
هل ترى من فطور؟
ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير " . .
" ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين . . " .
والحياة الدنيا تبدو في الجاهلية غاية الوجود،
ونهاية المطاف. ولكن السورة تكشف الستار عن
عالم آخر هو حاضرللشياطين وللكافرين.
عالم آخر هو حاضرللشياطين وللكافرين.
وهو خلق آخر حافل بالحركة والتوفز والإنتظار:
" وأعتدنا لهم عذاب السعير. وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير.
إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور.
تكاد تميز من الغيظ.
كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها: ألم يأتكم نذير؟
قالوا: بلى! قد جاءنا نذير فكذبنا
وقلنا: ما نزل الله من شيء؛ إن أنتم إلا في ضلال كبير
وقالوا: لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير.
فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير! " .
والنفوس في الجاهلية لا تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه،
والنفوس في الجاهلية لا تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه،
ولا تلقي بالا إلى الغيب وما يحتويه.
وهي مستغرقة في الحياة الدنيا محبوسة في قفص الأرض الثابتة المستقرة.
فالسورة تشد قلوبهم وأنظارهم إلى الغيب وإلى السماء وإلى القدرة التي لم ترها عين، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحين تشاء؛
وتهز في حسهم هذه الأرض الثابتة التي يطمئنون إليها ويستغرقون فيها "
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير.
وأسروا قولكم أو أجهروا به،
إنه عليم بذات الصدور.
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها
وكلوا من رزقه
وإليه النشور.
وإليه النشور.
أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور؟
أم أمنتم من في السماء أن
يرسل عليكم حاصبا؟
يرسل عليكم حاصبا؟
فستعلمون كيف نذير " . .
والطير.
والطير.
إنه خلق يرونه كثيرا ولا يتدبرون معجزته إلا قليلا.
ولكن السورة تمسك بأبصارهم
لتنظر وبقلوبهم لتتدبر،
لتنظر وبقلوبهم لتتدبر،
وترى قدرة الله الذي صور وقدر:
" أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات
ويقبضن؟
ويقبضن؟
ما يمسكهن إلا الرحمن، إنه بكل شيء بصير " .
وهم آمنون في دارهم،
وهم آمنون في دارهم،
مطمئنون إلى مكانهم،
طمأنينة الغافل عن قدرة الله وقدره.
ولكن السورة تهزهم من هذا السبات النفسي،
بعد أن هزت الأرض من تحتهم وأثارت الجو من حولهم،
تهزهم على
قهر الله وجبروته الذي لا يحسبون حسابه:
قهر الله وجبروته الذي لا يحسبون حسابه:
" أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون
الرحمن؟ إن الكافرون إلا في غرور " .
والرزق الذي تناله أيديهم،
الرحمن؟ إن الكافرون إلا في غرور " .
والرزق الذي تناله أيديهم،
إنه في حسهم قريب الأسباب،
وهي بينهم تنافس وغلاب.
ولكن السورة تمد أبصارهم بعيدا هنالك في السماء،
ووراء الأسباب المعلومة لهم كما يظنون:
" أم من هذا
الذي يرزقكم إن أمسك رزقه؟
الذي يرزقكم إن أمسك رزقه؟
بل لجوا في عتو ونفور " . .
وهم سادرون في غيهم يحسبون أنهم مهتدون وهم ضالون.
وهم سادرون في غيهم يحسبون أنهم مهتدون وهم ضالون.
فالسورة ترسم لهم حقيقة حالهم
وحال المهتدين حقا، في صورة متحركة موحية:
وحال المهتدين حقا، في صورة متحركة موحية:
" أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى؟
أم من يمشي
سويا على صراط مستقيم؟ " .
وهم لا ينتفعون بما رزقهم الله في ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك؛
سويا على صراط مستقيم؟ " .
وهم لا ينتفعون بما رزقهم الله في ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك؛
ولا يتجاوزون ما تراه
حواسهم إلى التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب.
حواسهم إلى التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب.
فالسورة تذكرهم بنعمة الله فيما وهبهم،
وتوجههم إلى استخدام هذه الهبة
في تنور المستقبل المغيب وراء الحاضر الظاهر،
وتدبر الغاية من هذه البداية: "
قل: هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة،
قل: هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة،
قليلا ما تشكرون.
قل: هو الذي
ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون
ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون
وهم يكذبون بالبعث والحشر،
ويسألون عن موعده.
فالسورة تصوره لهم واقعا مفاجئا قريبا
يسوؤهم أن يكون: " ويقولون: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟
يسوؤهم أن يكون: " ويقولون: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟
قل إنما العلم عند الله،
وإنما أنا نذير مبين.
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا،
وقيل: هذا الذي كنتم به تدعون! " . .
وهم يتربصون بالنبي ع ومن معه أن يهلكوا فيستريحوا
وهم يتربصون بالنبي ع ومن معه أن يهلكوا فيستريحوا
من هذا الصوت الذي يقض عليهم
مضجعهم بالتذكير والتحذير والإيقاظ من راحة الجمود!
مضجعهم بالتذكير والتحذير والإيقاظ من راحة الجمود!
فالسورة تذكرهم بأن هلاك الحفنة المؤمنة أو
بقاءها لا يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب،
بقاءها لا يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب،
فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم
وحالهم قبل ذلك اليوم العصيب:
وحالهم قبل ذلك اليوم العصيب:
" قل: أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين
من عذاب أليم؟
من عذاب أليم؟
قل: هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا
فستعلمون من هو في ضلال مبين " .
وتنذرهم السورة في ختامها بتوقع ذهاب الماء الذي به يعيشون،
وتنذرهم السورة في ختامها بتوقع ذهاب الماء الذي به يعيشون،
والذي يجريه هو الله الذي به يكفرون!
" قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين؟ " . .
إنها حركة.
إنها حركة.
حركة في الحواس، وفي الحس،
وفي التفكير، وفي الشعور.
| | |
ومفتاح السورة كلها، ومحورها الذي تشد إليه تلك الحركة فيها،
| | |
ومفتاح السورة كلها، ومحورها الذي تشد إليه تلك الحركة فيها،
هو مطلعها الجامع الموحي:
" تبارك الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير " . .
وعن حقيقة الملك وحقيقة القدرة تتفرع سائر الصور التي عرضتها السورة،
" تبارك الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير " . .
وعن حقيقة الملك وحقيقة القدرة تتفرع سائر الصور التي عرضتها السورة،
وسائر الحركات
المغيبة والظاهرة التي نبهت القلوب إليها . .
فمن الملك ومن القدرة كان خلق الموت والحياة،
المغيبة والظاهرة التي نبهت القلوب إليها . .
فمن الملك ومن القدرة كان خلق الموت والحياة،
وكان الابتلاء بهما.
وكان خلق السماوات
وتزيينها بالمصابيح وجعلها رجوما للشياطين.
وتزيينها بالمصابيح وجعلها رجوما للشياطين.
وكان إعداد جهنم بوصفها وهيئتها وخزنتها.
وكان العلم بالسر والجهر.
وكان جعل الأرض ذلولا للبشر.
وكان الخسف والحاصب والنكير على المكذبين
الأولين.
الأولين.
وكان إمساك الطير في السماء.
وكان القهر والإستعلاء.
وكان الرزق كما يشاء.
وكان الإنشاء وهبة السمع والأبصار والأفئدة.
وكان الذرء في الأرض والحشر.
وكان الإختصاص بعلم الآخرة.
وكان عذاب الكافرين.
وكان الماء الذي به الحياة
وكان الذهاب به عندما يريد . .
فكل حقائق السورة وموضوعاتها،
فكل حقائق السورة وموضوعاتها،
وكل صورها وإيحاءاتها مستمدة من إيحاء ذلك المطلع
ومدلوله الشامل الكبير:
" تبارك الذي بيده الملك،
وهو على كل شيء قدير " ! !
وهو على كل شيء قدير " ! !
فى ظلال القرآن
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home