من تسبيحات الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين وثنائهم
قال تعالى :
{تُسَبِّحُ
لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ
وَإِن مِّن
شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ
وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ
تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }
الإسراء44
1-
قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، رضي الله
عنه:
((كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به، غِنى كل فقير، وعزُّ كل ذليل،
وقوة كل
ضعيف، ومفزع كل ملهوف .
من تكلم سمع نطقه، ومن
سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه.
لم تَركَ العيون فتخبر
عنك بل كنت قبلَ الواصفين من خلقك.
لم تخلق الخلق لوَحْشة،
ولا استعملتهم لمنفعة، ولا يسبقك مَن طلبتَ، ولا يُفلتك من أخذت، ولا ينقص سلطانَك
من عصاك، ولا يزيد في ملكك من أطاعك، ولا يرد أمرَك من سَخِط قضاءك، ولا يستغني
عنك من تولى عن أمرك.
كل سر عندك علانية، وكل
غيب عندك شهادة...
سبحانك ما أعظم شأنك،
سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر أي عظيمة في جنب قدرتك، وما أهولَ ما نرى
من ملكوتك، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك، وما أسبغَ نعَمك في الدنيا وما
أصغرها في نعم الآخرة))(1).
وقال ـ أيضاً ـ رضي
الله عنه:
((انقادت له الدنيا
والآخرة بأزِمّتها، وقذفت إليه السموات و الأرَضون مقاليدها، وسجدت له بالغدوّ
والآصال الأشجار الناضرة... وآتت أُكُلَها بكلماته الثمار اليانعة))(2).
وقال ـ أيضاً ـ رضي
الله عنه:
((يا أرحم الراحمين، يا
صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي في نعمتي، يا ولييّ في نفسي، يا كاشف
كربتي، يا مستمعَ دعوتي، يا راحمَ عبرتي، يا مقيلَ عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا
ركني الوثيق... يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق... يا فارج الهم، وكاشفَ
الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيبَ دعوة المضطرين، يا رحمـن الدنيـا والآخـرة
ورحيمهما... يا كاشفَ كلِّ ضرٍ وبلية، ويا عالم كُلِّ خَفِيّة، يا أرحم
الراحمين...))(1).
وعنه ـ أيضاً ـ رضي
الله عنه قال:
((أُتي بُختَ نَصَّر
بدانيال النبي فأمر به فحبس، وضَرَّى
أسدين(2) فألقاهما في جُبِّ(3) معه، فطيّن عليه وعلى
الأسدين خمسة أيام، ثم فتح عليه بعد خمسة أيام فوجد دانيال قائماً يصلي، والأسدان
في ناحية الجب لم يعرضا له.
قال بختُ نصَّر: أخبرني
ماذا فعلت فدفع عنك ؟
قال: قلت: الحمد لله
الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي لا يكل من
توكل عليه إلى غيره،الحمد الله الذي هو ثقتنا حين تنقطع عنا الحيل, الحمدلله الذي
هو رجاؤنا حين تسوء ظنوننا بأعمالنا، والحمد لله الذي يكشف ضرَّنا عند كُرَبنا،
الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً، الحمدلله الذي يجزي بالصبر نجاة))(1).
2 ـ وقال ابن عباس رضي
الله تعالى عنهما:
((اللهم: إني أسألك بنور وجهك
الذي أشرقت له السموات والأرض
أن تجعلني في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك))(2).
3 ـ وقال ابن مسعود رضي
الله عنه:
((اللهم: إني أسألك بنعمتك
السابغة التي أنعمت بها، وبلائك الذي ابتليتني، وبفضلك الذي أفضلت علي أن تدخلني
الجنة...))(3).
4 ـ وقال أحد الصحابة
رضي الله عنهم:
((يا من لا تراه العيون(1) ولا تخالطه الظنون، ولا
يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل
البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه
النهار، وما تواري منه سماء سماء، ولا أرضٌ أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما
في وعره(2)،
اجعل خير عمري آخره...))(3).
5 ـ وقال أحد الصحابة
رضي الله عنهم:
((اللهم:
إني أسألك بأن لك الحمد لا إله ألا أنت، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال
والإكرام، يا حي يا قيوم))(1).
6 ـ وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم:
((اللهم:
إني أسألك بأنك أنت لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد،
ولم يكن له كفواً أحد))(2).
7 ـ وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم جميعاً:
((الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا أن يُحمد وينبغي
له))(3).
8 ـ قال علي بن الحسين(4)
رحمه الله وهو ساجد في الحجر:
(عُبيدك بفِنائك،
مسكنيك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك)(1).
وقال أيضاً رحمه الله
تعالى:
(سبحانك من لطيف ما
ألطفك، ورؤوف ما أرأفك، وحكيم ما أتقنك.
سبحانك من مليك ما
أمنعك، وجواد ما أوسعك، ورفيع ما أرفعك، ذو
البهاء والمجد، والكبرياء والحمد.
سبحانك بسطت بالخيرات
يدك، وعُرفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك...
سبحانك لا تُكاد ولا
تُماطَل، ولا تُنازَع ولا تُجادل، ولا تُمارى ولا تُخادَع ولا تُماكَر.
سبحانك سبيلك جد، وأمرك
رشد، وأنت حي صمد.
سبحانك قولك حُكْم،
وقضاؤك حتم، وإرادتك عَزم.
سبحانك لا رادّ
لمشيئتك، ولا مبدل لكلماتك.
سبحانك باهر الآيات،
فاطَر السموات، بارئ النَسَمات.
لك الحمد حمداً يدوم
بدوامك، ولك الحمد حمداً خالداً بنعمتك...)(1).
9 ـ وقال الحسن البصري(2) رحمه الله تعالى:
(يا صاحبي عند كل شدة،
ويا نجيّي(3) عند كل كربة، ويا وليي
عند كل نعمة، ويا مؤنسي عند كل وحشة، ويا رازقي عند كل حاجة...)(4).
وقال ـ أيضاً ـ رحمه
الله تعالى:
(الحمد لله، اللهم ربنا
لك الحمد بما خلقتنا، ورزقتنا، وهديتنا، وأنقذتنا، وفرجت عنا، ولك الحمد بالقرآن،
ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبتّ عدوّنا، وبسطت رزقنا، وأظهرت أمننا،
وجمعت فُرقتنا، وأحسنت معافاتنا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على
ذلك حمداً كثيراً.
لك الحمد بكل نعمة
أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، أو حي أو
ميت، أو شاهد أو غائب.
لك الحمد حتى ترضى، ولك
الحمد إذا رضيت)(1).
(1) ((شرح
نهج البلاغة)): 2/715.
وقد تكلم عدد من
العلماء في صحة نسبة المواعظ التي في ((نهج البلاغة)) إلى الخليفة الراشد علي بن
أبي طالب رضي عنه، والله أعلم.
(2) المصدر
السابق: 3/ 105.
(1) ((كنز
العمال)): 2/259 ـ 260 نقلاً عن كتاب ((الفرج بعد الشدة)) للتنوخي.
(2) أي
عوّدهما الصيد وعلقهما به، وأغراهما به. انظر ((لسان العرب)): ض ر ا.
(3) أي
بئر.
(1) قال
الإمام السيوطي: أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) وسنده حسن. انظر ((كنـز
العمال)): 2/655.
(2) قال
الإمام الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/187.
(3) قال
الإمام الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح: انظر المصدر السابق:
10/188.
(1) أنكر
بعض العلماء الفضلاء هذا الدعاء بدعوى أنه يؤدي إلى إنكار رؤية الله في الآخرة،
وهذا منه عجيب ؛ إذ المقصود هو الرؤية الدنيوية ـ كما هو واضح من السياق ـ وإلا
كيف يصنع بقوله تعالى: (لَن تَرَاِنى) التي أوّلها العلماء على أنها الرؤية
الدنيوية كما هو معلوم، والله أعلم.
(2) أي:
هو جل وعلا يعلم الأشياء كما هي فلا يحجبها عنه حاجب، ولا يجول بينه وبينها حائل،
لا سماء ولا أرض ولا بحر ولا جبل. ((تحفة الذاكرين)): 228.
(3) قال
الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): 10/160: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال
الصحيح غير عبدالله بن محمد: أبو عبدالرحمن الأذرمي وهو ثقة. فسند الحديث صحيح إن
شاء الله تعالى.
(1) أخرجه
الحاكم في ((المستدرك)): 1/683 وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وجاء بعده:
فقال النبي :
((لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى)).
(2) المصدر
السابق.
(3) قال
الهيثمي: رواه أحمد ورجاله ثقات. انظر ((مجمع الزوائد)): 10/100.
(4)علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب، إمام من آل البيت الطاهر، ومن التابعين العابدين الزاهدين، توفي
سنة 94 رحمه الله تعالى. انظر ((نزهة الفضلاء)): 1/404 ـ 409.
(1) المصدر
السابق: 1/406.
(1) ((جامع
الثناء على الله)): 100 ـ 101.
(2) الحسن
بن أبي الحسن يسار البصري، مولى زيد بن ثابت رضي الله عنه، كان سيد أهل زمانه وسيد
التابعين علماً وعملاً وفصاحة. توفي سنة 110، رحمه الله تعالى، انظر ((سير أعلام
النبلاء)): 4/563 ـ 588.
(3) أي
يا من أناجيه.
(4) ((المستغيثين
بالله تعالى عند المهمات والحاجات)): 45.
(1) ((تصحيح
الدعاء)): 339.
تسْبّيحٌ ومُناجاةُ وثناءٌ
عَلَى مَلِكِ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home