«تاجر البندقية».. حكاية حقد وجشع أزلية
عدد كبير من الأعمال الأدبية، بات مضرب مثل أو رمزا للحكمة، أخذ الناس يستشهدون به وبأبطاله، في حياتهم اليومية، لتوصيف حالة أو شخصية ما، ومن ضمن هذه الأعمال: "دائرة الطباشير القوقازية" لبرترولد بريخت، "في انتظار غودو" لصموئيل بيكيت.
إضافة إلى مسرحية "تاجر البندقية" لوليام شكسبير، التي تعد ذات مكانة خاصة في هذا السياق، بفعل مؤثرات وسمات متنوعة، تنفرد بها. إذ غدت الشخصية الأبرز التي اشتهرت ضمنها: شايلوك، مثلاً متداولاً بين العامة، خاصة وان شخصية هذا التاجر والمرابي اليهودي التي قدمها شكسبير في عمله، خلال الفترة ما بين عامي 1596 و1598، تجمع بين الكوميديا والتراجيديا.
تستمد شخصية "شايلوك" الكاريكاتورية، خصوصيتها أو تفردها، لتبقى رمزاً معاصراً في كل مكان وزمان، لسمات محددة لدى بعض الناس، من أحداث المسرحية التي تدور في البندقية، وتبدأ مع الشاب النبيل بسانيو، الذي يلجأ إلى صديقه الكريم، التاجر الثري أنطونيو، الذي كفله مادياً وأخرجه من السجن مرات كثيرة. وكان القرض المطلوب منه، ثلاثة آلاف قطعة ذهبية، للزواج من شابة ثرية، تعوضه بأموالها عن ثروته التي هدرها بلا حكمة.
العقد الذهبية
تتجلى الحبكة التي رسمها شكسبير، والتي تعد العقدة الذهبية للعمل، بحلة شائقة وجاذبة، نتعرف معه على كوامن شخصية "شايلوك"، خاصة مع وضوح عدم توافر المبلغ المطلوب لدى أنطونيو، ليفدي به صديقه، ذلك كون تجارته في السفن المبحرة إلى البندقية لم تصل بعد، لذا يقترح على بسانيو استدانة المبلغ من طرف آخر ليكون كفيله.
وهنا، لم يجد الشاب من يقرضه المال، سوى شايلوك اليهودي الذي يضمر كراهية شديدة لأنطونيو، والذي يقرض الناس بلا فائدة. وبعد تدوير شايلوك للفكرة في ذهنه، يوافق على إقراض بسانيو المبلغ، من دون فائدة ولكن بشرط، وهذا الشرط هو الذي جعل من شايلوك، ظاهرة ومثلاً بين البشر. إذ يعتمد على تسديد أنطونيو للمبلغ في الموعد المحدد، وإن لم يتحقق ذلك، يأخذ شايلوك رطلاً من لحم جسد أنطونيو، وعلى ذلك وقع العقد بينهما.
في هذه الأثناء يتقدم لبورشيا أمير المغرب و يطلب يدها. لكن الخيار ليس بيد بورشيا’ فقد ترك لها والدها وصية تعمل بمقتضاها: سيكون هناك ثلاثة صناديق واحد من الذهب, و الثاني من الفضة و الأخير من الرصاص, و يتوجب على المتقدم لها أن يختار بين الثلاثة, فإن حصل في داخل الصندوق على صورة بورشيا فستكون من نصيبه, و إن لم يفعل فلا نصيب له في بورشيا .
يفشل أمير المغرب (الذي اختار الصندوق الذهبي) , يتبعه أمير أرغون (الذي اختار الصندوق الفضي) في اختيار الصندوق الصحيح, و عندها يأتي دور باسانيو الذي يختار الصندوق المصنوع من الرصاص ليقابل صورة بورشيا محمولة بشعر رقيق مكتوب بواسطة والد بورشيا مذكراً إياه بالحكمة القديمة: ليس كل ما يلمع ذهباً!
وتتوالى الاحداث و يعلم أنطونيو أن سفنه لن تصل إلى الميناء لانها تاهت في البحر. ولكن شايلوك اليهودي، يصر على تنفيذ العقد، خاصة وأن حقده على المسيحيين تنامى بعد أن هربت ابنته مع الشاب لورنزو، وأخذا معهما مبلغاً كبيراً من ماله، إلى جانب خاتم ثمين أهدته إليه زوجته الراحلة. وعليه، سرعان ما يطلب أنطونيو إلى المحكمة.
نوايا شايلوك
وتتبدى بجلاء نوايا شايلوك في محكمة دوق فينيسيا، حيث يرفض استلام قيمة القرض المضاعفة التي قدمها بسانيو بعد زواجه، ويطالب بحقه في رطل من لحم أنطونيو. وكان شايلوك يتحدث معتقداً أنه حقق لحظة الانتقام التي كان يحلم بها.
ونتبين أنه يتمنى الدوق إنقاذ أنطونيو لكنه لا يستطيع الإخلال بنص العقد، فيحول القضية إلى زائر يقدم نفسه بصفته، بالثازار، الحاصل على الدكتوراه في القانون.
والطريف أن هذا الزائر ليس إلا بورتيا، زوجة بسانيو، متنكرة. ويطلب الزائر من شايلوك أكثر من مرة، إظهار الرحمة والرأفة، في خطاب بليغ.
وحينما يصر شايلوك على تنفيذ العقد، وتسمح له المحكمة بتنفيذه، يقف الزائر ويقدم إفادته، مؤكداً أن العقد يسمح لشايلوك باقتطاع اللحم وحده، دون ذرف أي قطرة من دماء أنطونيو. وعليه فإنه، إن أراق أية قطرة من دماء أنطونيو، جميع أملاكه وأمواله ستصادر، حسب قانون البندقية، وليزيد الزائر : بورتيا، من هول الصدمة على شايلوك. يضيف بأن عليه أن يقتطع رطلا واحداً، من دون زيادة أو نقصان، وإن زاد وزن اللحم، ولو بشعرة واحدة، ستصادر جميع أملاكه.
يتنازل شايلوك عن مطلبه و يطالب بماله, إلا أن بورشيا تعلمه بمحاولته قتل مواطن في البندقية, و لذا سيتم مصادرة أمواله و سيصبح مصيره بيد الدوق. يعفو الدوق عن شايلوك قبل أن يطلبه الرحمة, و تذهب نصف أموال شايلوك إلى الحكومة و الجزء الآخر إلى أنطونيو. و يوصي أنطونيو بجزءه الخاص بعد موته إلى جيسيكا و لورينزو بينما يتنازل الدوق عن جزء الحكومة شريطة أن يتحول شايلوك إلى النصرانية و يوصي بكافة أمواله للورينزو و جيسيكا بعد موته.
منقول .. للفائدة
إضافة إلى مسرحية "تاجر البندقية" لوليام شكسبير، التي تعد ذات مكانة خاصة في هذا السياق، بفعل مؤثرات وسمات متنوعة، تنفرد بها. إذ غدت الشخصية الأبرز التي اشتهرت ضمنها: شايلوك، مثلاً متداولاً بين العامة، خاصة وان شخصية هذا التاجر والمرابي اليهودي التي قدمها شكسبير في عمله، خلال الفترة ما بين عامي 1596 و1598، تجمع بين الكوميديا والتراجيديا.
تستمد شخصية "شايلوك" الكاريكاتورية، خصوصيتها أو تفردها، لتبقى رمزاً معاصراً في كل مكان وزمان، لسمات محددة لدى بعض الناس، من أحداث المسرحية التي تدور في البندقية، وتبدأ مع الشاب النبيل بسانيو، الذي يلجأ إلى صديقه الكريم، التاجر الثري أنطونيو، الذي كفله مادياً وأخرجه من السجن مرات كثيرة. وكان القرض المطلوب منه، ثلاثة آلاف قطعة ذهبية، للزواج من شابة ثرية، تعوضه بأموالها عن ثروته التي هدرها بلا حكمة.
العقد الذهبية
تتجلى الحبكة التي رسمها شكسبير، والتي تعد العقدة الذهبية للعمل، بحلة شائقة وجاذبة، نتعرف معه على كوامن شخصية "شايلوك"، خاصة مع وضوح عدم توافر المبلغ المطلوب لدى أنطونيو، ليفدي به صديقه، ذلك كون تجارته في السفن المبحرة إلى البندقية لم تصل بعد، لذا يقترح على بسانيو استدانة المبلغ من طرف آخر ليكون كفيله.
وهنا، لم يجد الشاب من يقرضه المال، سوى شايلوك اليهودي الذي يضمر كراهية شديدة لأنطونيو، والذي يقرض الناس بلا فائدة. وبعد تدوير شايلوك للفكرة في ذهنه، يوافق على إقراض بسانيو المبلغ، من دون فائدة ولكن بشرط، وهذا الشرط هو الذي جعل من شايلوك، ظاهرة ومثلاً بين البشر. إذ يعتمد على تسديد أنطونيو للمبلغ في الموعد المحدد، وإن لم يتحقق ذلك، يأخذ شايلوك رطلاً من لحم جسد أنطونيو، وعلى ذلك وقع العقد بينهما.
في هذه الأثناء يتقدم لبورشيا أمير المغرب و يطلب يدها. لكن الخيار ليس بيد بورشيا’ فقد ترك لها والدها وصية تعمل بمقتضاها: سيكون هناك ثلاثة صناديق واحد من الذهب, و الثاني من الفضة و الأخير من الرصاص, و يتوجب على المتقدم لها أن يختار بين الثلاثة, فإن حصل في داخل الصندوق على صورة بورشيا فستكون من نصيبه, و إن لم يفعل فلا نصيب له في بورشيا .
يفشل أمير المغرب (الذي اختار الصندوق الذهبي) , يتبعه أمير أرغون (الذي اختار الصندوق الفضي) في اختيار الصندوق الصحيح, و عندها يأتي دور باسانيو الذي يختار الصندوق المصنوع من الرصاص ليقابل صورة بورشيا محمولة بشعر رقيق مكتوب بواسطة والد بورشيا مذكراً إياه بالحكمة القديمة: ليس كل ما يلمع ذهباً!
وتتوالى الاحداث و يعلم أنطونيو أن سفنه لن تصل إلى الميناء لانها تاهت في البحر. ولكن شايلوك اليهودي، يصر على تنفيذ العقد، خاصة وأن حقده على المسيحيين تنامى بعد أن هربت ابنته مع الشاب لورنزو، وأخذا معهما مبلغاً كبيراً من ماله، إلى جانب خاتم ثمين أهدته إليه زوجته الراحلة. وعليه، سرعان ما يطلب أنطونيو إلى المحكمة.
نوايا شايلوك
وتتبدى بجلاء نوايا شايلوك في محكمة دوق فينيسيا، حيث يرفض استلام قيمة القرض المضاعفة التي قدمها بسانيو بعد زواجه، ويطالب بحقه في رطل من لحم أنطونيو. وكان شايلوك يتحدث معتقداً أنه حقق لحظة الانتقام التي كان يحلم بها.
ونتبين أنه يتمنى الدوق إنقاذ أنطونيو لكنه لا يستطيع الإخلال بنص العقد، فيحول القضية إلى زائر يقدم نفسه بصفته، بالثازار، الحاصل على الدكتوراه في القانون.
والطريف أن هذا الزائر ليس إلا بورتيا، زوجة بسانيو، متنكرة. ويطلب الزائر من شايلوك أكثر من مرة، إظهار الرحمة والرأفة، في خطاب بليغ.
وحينما يصر شايلوك على تنفيذ العقد، وتسمح له المحكمة بتنفيذه، يقف الزائر ويقدم إفادته، مؤكداً أن العقد يسمح لشايلوك باقتطاع اللحم وحده، دون ذرف أي قطرة من دماء أنطونيو. وعليه فإنه، إن أراق أية قطرة من دماء أنطونيو، جميع أملاكه وأمواله ستصادر، حسب قانون البندقية، وليزيد الزائر : بورتيا، من هول الصدمة على شايلوك. يضيف بأن عليه أن يقتطع رطلا واحداً، من دون زيادة أو نقصان، وإن زاد وزن اللحم، ولو بشعرة واحدة، ستصادر جميع أملاكه.
يتنازل شايلوك عن مطلبه و يطالب بماله, إلا أن بورشيا تعلمه بمحاولته قتل مواطن في البندقية, و لذا سيتم مصادرة أمواله و سيصبح مصيره بيد الدوق. يعفو الدوق عن شايلوك قبل أن يطلبه الرحمة, و تذهب نصف أموال شايلوك إلى الحكومة و الجزء الآخر إلى أنطونيو. و يوصي أنطونيو بجزءه الخاص بعد موته إلى جيسيكا و لورينزو بينما يتنازل الدوق عن جزء الحكومة شريطة أن يتحول شايلوك إلى النصرانية و يوصي بكافة أمواله للورينزو و جيسيكا بعد موته.
منقول .. للفائدة
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home