الله خير الرازقين
بُنَيَّ الحبيب انظرْ إلى تلك الشَّجرةِ العاليةِ, ما أجملَ أوراقَها وغصونَها
وما ألذَّ ثمارَها..
إنَّ فوقَها شيءٌ أعجبُ من هذا كله..
فوقها بيتٌ واسعٌ ودافىءٌ , قد بنى عليها طائرٌ عُشَّه الجميلَ، واختارها مأوى آمنًا له..
في الحقيقة ليس كل ذلك وحده يُثير عجبي وإعجابي..
إنَّ هناك شيئاً أعجبَ من كلِّ ذلك:
كيف يُطْعِم هذا الطَّائرُ فراخَه الجائعةَ؟!، ليس لديه عقلٌ ليُفكِّرَ، ولا حيلةَ ليزرعَ ويحصدَ، ولا قوَّةَ ليقومَ بمشاقِّ العمل وكسب الرِّزق..
سبحانَ الله العظيم (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)..
هذه الطُّيورُ الضَّعيفةُ تَكَفَّل اللهُ تعالى برزقِها وهي تتوكَّلُ عليه..
يقول نبيُّنا ـ صلَّى الله عليه وسلم: "لَوْ أنَّكُمْ تتوكَّلُون على اللهِ حقَّ توكُّلِه لرزقكُمْ كما يرزقُ الطَّير تغدو خِمَاصاً وتَرُوحُ بطاناً".
صدق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
نعم..
إنَّها تخرجُ في الصَّباحِ الباكرِ تأخذُ بالأسبابِ في هِمَّةٍ ونشاطٍ فيَهديها اللهُ ويُرشدها إلى أماكنِ الطَّعامِ والشَّرابِ ويَسُوقُ إليها رزقَها حيثُ كانتْ..
هل رأيْتَ طائرًا يموت من الجوع رغم ضعفه وقلَّة حيلتِه؟!..
وإذا نظرْتَ أسفلَ هذه الشجرة وجدْتَ نملةً لا تكاد ترى.. إنهَّا تبحثُ عن رزقِها بالطَّبع.
قد تقولُ أنتَ: وما العجبُ في طعامِ نملةٍ لابُدَّ أن يكونَ وفيرًا جداًّ..
ولكنِّي سأقول لك: ليس العجب في طعام النَّملة.. ولكنَّ العجبَ في طريقةِ حصولها على الطَّعَامِ وطريقة تخزينها له..
إنَّها تبني لها أنفاقًا تحت الأرض تُخزِّن فيها الطعام، وتخلطه بمواد تحفظه من الفساد،
إنَّ اللهَ الذي يسَّر لها، ورزقها الطَّعام الوفيرَ رزقها كذلك طرقاً عجيبةً في تحصيله والاحتفاظ به.
كلُّ ما حولك من الحيوانات والطيور والحشرات يعيش في أُمَمٍ ومجتمعاتٍ..
وكلُّ أسرةٍ منها.. لها أبٌ وأمٌّ.. يسعيان لأجل إطعام ا?بناء.. يخرجُ كلٌّ منهما من بيته يبحث عن طعام متوكِّلاً على الله تعالى لا يعودُ إلى أبنائِه أبداً إلَّا ومعه رزقٌ وفيرٌ..
بل إنَّ الصَّحراءَ الجرداءَ الَّتي لا نباتَ عليها يجد كلُّ حيوانٍ يسكنها أنواعاً من الطَّعام..
ومن الحيواناتِ والحشراتِ ما يسكنُ مناطقَ ثلجيَّةً تظنُّ أنَّه لا زرعَ فيها ولا ماءَ، ثم تجد كلَّ حيوانٍ يسكنُها يأكلُ ويشربُ ويعيشُ وينعمُ..
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)
سبحانَ الرَّزَّاقِ العليمِ..
منقول ..للتدبر
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home