فتنة الراية العمية
أخرجه
أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم من طرق عن غيلان بن جرير عن زياد بن
رياح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ خَرَجَ مِن الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجماعةَ فماتَ ماتَ مِيتةً
جَاهلية، وَمَنْ قَاتلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ،
أو يَدْعُو إِلى عَصبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَة، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ
جَاهِليَّةٌ، وَمَن خَرَجَ عَلى أُمَّتي يَضرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَها، لا
يَتَحَاشى مِنْ مؤمِنها، ولا يَفي بِعَهدِ ذِي عَهدِها، فَلَيْسَ مِني،
وَلَسْتُ منه".
وفي لفظ عند مسلم مثله إلا أنه قال: "ومن قتل تحت راية عمية يغضب للعَصَبة ويقاتل للعَصَبة فليس من أمتي".
راية عمية: المقصود الغاية التي يقاتل من أجلها
قال
النووي: قالوا هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل
والجمهور، قال إسحاق بن راهوية هذا كتقاتل القوم للعصبية اهـ.
وقال ابن تيمية: هو الذي يقاتل لأجل العصبية والرياسة لا فى سبيل الله كأهل الأهواء مثل قيسٍ ويمنٍ اهـ.
الراية العمية: أنها الأمر الذي لا يستبين وجهه، كقتال القوم عصبية للقبيلة والعشيرة أو لنصرة طاغوت أو إقامة حكم بغير ما أنزل الله، يجمع ذلك كله: الباطل.
ومن الراية العِمِّيّة والعصبية الجاهلية التحيز لقبيلة أو عشيرة أو بلدة أو حزب أو جماعة أو ما شابه، مما يتعصب له الناس، وهذا واضح جداً لأن الشعار المرفوع في هذه الحالات، ليس من شعائر أهل الإسلام.
إذ أنّ الراية العمية الجاهلية، هي الغاية التي يقاتل من أجلها الانسان، وهذه الغاية محلها القلب بالنسبة للمقاتل، فقد يوجد مقاتلون في غاية واحدة نياتهم مختلفة، فيبعثون يوم القيامة على نياتهم، كما في حديث الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف به في بيداء، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، سئل: كيف بمن كان أخرج مستكرها؟ فقال: يصيبه ما أصاب الناس ثم يبعث الله كل امرئ على نيته، أو قال: على ما كان في نفسه.
عن أبي موسى قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة،ً ويقاتل حمية،ً ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا - وفي لفظ: لتكون كلمة الله أعلى - فهو في سبيل الله.
والمقصود
أن الراية الصحيحة، التي يقاتل تحتها، هي ما كان فيه إعلاء لكلمة الله عز
وجل، ومن إعلاء كلمة الله عز وجل: حفظ الحقوق وصيانة الأعراض وإقامة شرعه
بين الناس، يجمع ذلك كله كلمة واحدة وهي: الحق.
فالراية العمية هي الباطل، والراية الشرعية هي الحق.
ولكنَّ التَّربية في مدرسة النُّبوَّة، ومدرسة الأخلاق الإسلاميَّة صنعَتْ هذا النَّموذج المستحيل.. إنَّه الإمام الحَسَنُ بن عليٍّ "رَضِيَ اللهُ عنه" سَبْط رسولِ اللهِ "صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم"، الذي ترك الخلافة لمصلحة معاوية بن أبي سفيان لمَّا وَجَدَ أنَّ في ذلك مصلحةً للمسلمين وفي سبيل وحدتهم وحقنًا لدمائهم.
ويُعتبر الإمام الحسن "رَضِيَ اللهُ عنه" مِن بين أهمِّ النَّماذج التَّربويَّة التي جاءت في التَّاريخ الإسلاميِّ، وتصلح الكثير مِن المَواقف التي أُثِرَت عنه ورُوِيَت من ترجمته للتَّدارس والتَّعلُّم مِن جانب المُعلِّمين والتربويِّين للجيل الجديد الصَّاعد كنموذجٍ للشَّاب المسلم، ومعرفة معنى كلمة "أخلاق" في الإسلام.
منقول .. للتدبر
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home