أبو عبيدة بن الجراح
امين الامة "وهذا لقبه"
من العشرة المبشرين بالجنة,
ومن أقواله المأثورة عندما كان أميرا على بلاد الشام:
"يا أيها الناس إني امرؤ من قريش وما منكم من أحد أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى الله الا وددت أني في مسلاخه "جلده"
وعنه قال اول الخلفاء الراشدين ابو بكر الصديق: "عليكم بالهيّن اللين الذي اذا ظلم لم يظلم واذا أسيء إليه غفر واذا قطع وصل, رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين"
وفيه قال الفاروق عمر: "أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل ابي عبيدة".
أيها الأخوة, قبل أن أنطلق في الحديث عن حياته ومواقفه وعن بطولاته ومكانته الرفيعة التي أكرمه الله بها، أريد أنْ أنقل إليكم شُعوراً انْتابني وأنا أُطالعُ سيرة هذا الصحابيِّ الجليل قبل قُدومي إليكم, لَفَتَ نظري أنَّ هؤلاء الصحابة قاسَوا شدائد الحياة, فطعامُهُم ولِباسُهم خَشِنٌ، حياتهم كلُّها متاعب وغزوات وقِتال ودِفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وفي تَصَوُّري وأنا موقِنٌ بِهذا التصَوُّر أنهم كانوا أسعد الناس، تشعر أنّ أحدهم يكادُ يمْتلئُ سعادةً وشُعوراً بأنه إنْسانٌ كريمٌ على الله، وفجأةً قفَزَتْ إلى نفْسي صُورة إنسانٍ مُعاصِر عاش حياة الدَّعة والرخاء، يأكل أفضل الطعام، ويسكُنُ في أفْخَرِ منزل, تَكْييف وتدفئة مركزيَّة، كُلُّ شيءٍ جميل حوله، وشَعَرت أنَّ مثل حياة الإنسان المُعاصِر الذي خلَتْ حياتُه من البُطولة، ومن التضْحِيَة، ومن الإيثارٍ، ومن حُبٍّ لله ورسوله، ومن رِسالةٍ يحْمِلُها، ودَعْوةٍ يدْعو إليها، ومن عملٍ صالحٍ يُقَدِّمُه، ومن قلْبٍ ينْبِضُ بِالرحمة، إنْسانٌ خَلَتْ حياته من هذه المشاعر، وتِلك المُهِمات المُقدَّسة، مثل هذا الإنسان يشْعر بِتَفاهَتِهِ وهوانِهِ على الناس، ولو عاش في أعلى درجات النعيم، صحابِيٌّ جليل حياته كلُّها متاعب يقود جُيوشاً قِيادةً لا أرْوَع ولا أعظم منها، يدْخُلُ عليه الخليفة عمر بن الخطاب فإذا غُرْفَتُه فيها قِدْر ماء، وجِلْدٌ قد ذهب ريشُهُ، ورَغيفُ خُبْزٍ قد غطى به قِدْر الماء، وسَيْفٌ مُعَلَّقٌ على الحائِط، سيِّدُنا عمر الزاهد المُتَقَشِّف فوجئ, أهذه غُرْفَة أمين الأُمّة وقائد الجيش؟ قال له: ما هذا يا أبا عُبيدة؟ قال: هو للدنيا، وهو على الدنيا كثير، ألا يُبَلِّغُنا المقيل .
شَعَرْتُ بِأحاسيس أردْتُ أنْ أُعَبِّرَها لكم، كلُّ الدنيا لو كانت بِيَد الإنسان, الدنيا بِأموالها وبُيوتِها ومُتَنَزَّهاتِها وقُصورِها ومرْكَباتِها وطائِراتها ونِسائِها, كُلُّ ما لذَّ وطاب فيها، لا تسْتطيعُ الدنيا بِأكْمَلِها أنْ تمْنح الإنسان سعادةً، وهؤلاء الصحابة الذين عاشوا حياةً مملوءةً بالشَّقاء فيما يبْدو, هِجْرةٌ اقتلعت الإنسانَ من جذوره، لقد هاجَرَ أبو عبيدة إلى الحَبَشَة وإلى المدينة، وشَهِد كلّ المشاهد، وكان أكبر مُدافِعٍ عن رسول الله حتى إنه نزع حلَقَةً غُرِسَتْ في وَجْنة النبي عليه الصلاة والسلام بِأسْنانه، فنزع الحلقة الأولى بِفَمِه فانْكسرت سِنُّهُ الأمامية، ونزع الحلقة الثانِيَة بِفَمِه فانكسرت سِنُّهُ الأخرى فصار أهتمَ، ومات بالطاعون، وهو أمين هذه الأمة، شَعَرْتُ أنَّ الله عز وجل إذا تجلى على قلب المؤمن بالرحمة أسْعَدَهُ سعادَةً لا توصَفُ .
فما هؤلاء الرجال؟ واللهِ إنْ كانوا بشَرًا فَنَحْنُ لسْنا من بني البشر، وإنْ كُنا بشَرٌ فهم فوق البشر، هم مُلوك الدار الآخرة، وما هذا الحُبّ الذي في جوانِحِهم؟ وما هذا الشوْقُ الذي ينْبضُ بِه قُلوبهم؟ كلما قرأتَ تاريخ هذا الصحابي مهما تعدَّدَت مرَّات القراءة تشْعُر أنَّك تَقِفُ أمام إنْسانٍ عظيم، من أيِّ جامِعَةٍ تَخَرَّج؟ هل يحْمِلُ دُكْتوراه؟ كم كِتابًا قرأ؟ فإذا اتَّصل الإنسانُ بالله أصْبح شيئاً آخر، يُمْكن أنْ يُلْغى عنده مع الاتِّصال بالله كلُّ شيء، أرجو الله جلّ جلاله أنْ يُمَكِّنَني من نقْل صورة صادِقَةٍ مُشْرِقَةٍ عن هذا الصحابيّ الجليل الذي هو أبو عُبَيْدة بن الجراح .
من العشرة المبشرين بالجنة,
ومن أقواله المأثورة عندما كان أميرا على بلاد الشام:
"يا أيها الناس إني امرؤ من قريش وما منكم من أحد أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى الله الا وددت أني في مسلاخه "جلده"
وعنه قال اول الخلفاء الراشدين ابو بكر الصديق: "عليكم بالهيّن اللين الذي اذا ظلم لم يظلم واذا أسيء إليه غفر واذا قطع وصل, رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين"
وفيه قال الفاروق عمر: "أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل ابي عبيدة".
((لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ))
أيها الأخوة, قبل أن أنطلق في الحديث عن حياته ومواقفه وعن بطولاته ومكانته الرفيعة التي أكرمه الله بها، أريد أنْ أنقل إليكم شُعوراً انْتابني وأنا أُطالعُ سيرة هذا الصحابيِّ الجليل قبل قُدومي إليكم, لَفَتَ نظري أنَّ هؤلاء الصحابة قاسَوا شدائد الحياة, فطعامُهُم ولِباسُهم خَشِنٌ، حياتهم كلُّها متاعب وغزوات وقِتال ودِفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وفي تَصَوُّري وأنا موقِنٌ بِهذا التصَوُّر أنهم كانوا أسعد الناس، تشعر أنّ أحدهم يكادُ يمْتلئُ سعادةً وشُعوراً بأنه إنْسانٌ كريمٌ على الله، وفجأةً قفَزَتْ إلى نفْسي صُورة إنسانٍ مُعاصِر عاش حياة الدَّعة والرخاء، يأكل أفضل الطعام، ويسكُنُ في أفْخَرِ منزل, تَكْييف وتدفئة مركزيَّة، كُلُّ شيءٍ جميل حوله، وشَعَرت أنَّ مثل حياة الإنسان المُعاصِر الذي خلَتْ حياتُه من البُطولة، ومن التضْحِيَة، ومن الإيثارٍ، ومن حُبٍّ لله ورسوله، ومن رِسالةٍ يحْمِلُها، ودَعْوةٍ يدْعو إليها، ومن عملٍ صالحٍ يُقَدِّمُه، ومن قلْبٍ ينْبِضُ بِالرحمة، إنْسانٌ خَلَتْ حياته من هذه المشاعر، وتِلك المُهِمات المُقدَّسة، مثل هذا الإنسان يشْعر بِتَفاهَتِهِ وهوانِهِ على الناس، ولو عاش في أعلى درجات النعيم، صحابِيٌّ جليل حياته كلُّها متاعب يقود جُيوشاً قِيادةً لا أرْوَع ولا أعظم منها، يدْخُلُ عليه الخليفة عمر بن الخطاب فإذا غُرْفَتُه فيها قِدْر ماء، وجِلْدٌ قد ذهب ريشُهُ، ورَغيفُ خُبْزٍ قد غطى به قِدْر الماء، وسَيْفٌ مُعَلَّقٌ على الحائِط، سيِّدُنا عمر الزاهد المُتَقَشِّف فوجئ, أهذه غُرْفَة أمين الأُمّة وقائد الجيش؟ قال له: ما هذا يا أبا عُبيدة؟ قال: هو للدنيا، وهو على الدنيا كثير، ألا يُبَلِّغُنا المقيل .
شَعَرْتُ بِأحاسيس أردْتُ أنْ أُعَبِّرَها لكم، كلُّ الدنيا لو كانت بِيَد الإنسان, الدنيا بِأموالها وبُيوتِها ومُتَنَزَّهاتِها وقُصورِها ومرْكَباتِها وطائِراتها ونِسائِها, كُلُّ ما لذَّ وطاب فيها، لا تسْتطيعُ الدنيا بِأكْمَلِها أنْ تمْنح الإنسان سعادةً، وهؤلاء الصحابة الذين عاشوا حياةً مملوءةً بالشَّقاء فيما يبْدو, هِجْرةٌ اقتلعت الإنسانَ من جذوره، لقد هاجَرَ أبو عبيدة إلى الحَبَشَة وإلى المدينة، وشَهِد كلّ المشاهد، وكان أكبر مُدافِعٍ عن رسول الله حتى إنه نزع حلَقَةً غُرِسَتْ في وَجْنة النبي عليه الصلاة والسلام بِأسْنانه، فنزع الحلقة الأولى بِفَمِه فانْكسرت سِنُّهُ الأمامية، ونزع الحلقة الثانِيَة بِفَمِه فانكسرت سِنُّهُ الأخرى فصار أهتمَ، ومات بالطاعون، وهو أمين هذه الأمة، شَعَرْتُ أنَّ الله عز وجل إذا تجلى على قلب المؤمن بالرحمة أسْعَدَهُ سعادَةً لا توصَفُ .
فما هؤلاء الرجال؟ واللهِ إنْ كانوا بشَرًا فَنَحْنُ لسْنا من بني البشر، وإنْ كُنا بشَرٌ فهم فوق البشر، هم مُلوك الدار الآخرة، وما هذا الحُبّ الذي في جوانِحِهم؟ وما هذا الشوْقُ الذي ينْبضُ بِه قُلوبهم؟ كلما قرأتَ تاريخ هذا الصحابي مهما تعدَّدَت مرَّات القراءة تشْعُر أنَّك تَقِفُ أمام إنْسانٍ عظيم، من أيِّ جامِعَةٍ تَخَرَّج؟ هل يحْمِلُ دُكْتوراه؟ كم كِتابًا قرأ؟ فإذا اتَّصل الإنسانُ بالله أصْبح شيئاً آخر، يُمْكن أنْ يُلْغى عنده مع الاتِّصال بالله كلُّ شيء، أرجو الله جلّ جلاله أنْ يُمَكِّنَني من نقْل صورة صادِقَةٍ مُشْرِقَةٍ عن هذا الصحابيّ الجليل الذي هو أبو عُبَيْدة بن الجراح .
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home