تنشيط الصادرات أحد أهم الحلول لاستعادة عافية الاقتصاد رغم قلة الموارد الدولارية
ليس سراً أن الصادرات المصرية تعد أحد أكبر مصادر الإيرادات الدولارية فى مصر، وليس سراً أيضاً أن الفترة الماضية شهدت انهياراً حاداً فى قيمة صادرات مصر غير البترولية، أدى إلى فقدان نحو 4 مليارات دولار فى العام الماضى فقط.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى لقطاع التصدير، وعلى الرغم من اعتراف المسئولين الحكوميين أنفسهم بضرورة التركيز على التصدير كأحد أهم وأبرز الحلول القائمة لحل جزء كبير من أزمة الدولار المتفاقمة، إلا أنه حتى الآن لم تنعكس تلك الاعترافات على أداء الصادرات، إلا بقدر ضئيل جداً، ما جعل من «أداة الصادرات» بالفعل «ذراعاً مبتورة» غير قادرة على المساهمة بالنسبة المطلوبة فى إقالة الاقتصاد المصرى من عثراته المتكررة.
ووفقاً لبيانات وزارة التجارة والصناعة، فقد شهدت قيمة صادرات المنتجات والسلع المصرية تراجعاً على مدار السنوات الخمس الماضية، إذ كانت فى عام 2011 نحو 23.3 مليار دولار، وارتفعت فى 2012 إلى 22.8 مليار دولار، ثم 22.1 مليار دولار فى 2013، و22.3 مليار دولار فى 2014، لكنها تعرضت لكبوة شديدة فى 2015 لتصبح 18.7 مليار دولار.
ومصدرون: القطاع قادر على حل أزمة العملة الأمريكية وإخراج الاقتصاد المصرى من أزماته
ومطلوب من الحكومة استراتيجية متكاملة للتغيير..
التقارير تكشف عن تماسك قطاع الصادرات طوال السنوات التى أعقبت 2011، حيث بلغ إجمالى صادرات مصر فى نهاية 2012 نحو 132 مليار جنيه بزيادة قدرها 1% ومثلت تلك القيمة ما نسبته 102% من مستهدف الخطة التى كانت تسعى للوصول بالصادرات إلى 130 مليار جنيه فى نهاية العام نفسه.
وارتفعت تلك القيمة فى عام 2013 لتصل إلى نحو 147 مليار جنيه بزيادة 11% مثلت ما نسبته 101% من المستهدف الذى كان يسعى للوصول بالصادرات إلى 145 مليار جنيه، فيما بلغ إجمالى الصادرات فى 2014 نحو 156.5 مليار جنيه (22.1 مليار دولار) بزيادة قدرها 0.15% عن العام السابق له، ومثلت تلك القيمة نحو 88.4% من المستهدف البالغ 25 مليار دولار.
ومنذ يناير 2015 بدأت الأرقام تشهد تراجعاً غير مسبوق حتى وصلت نسبة التراجع إلى 27%، وبدأ التراجع فى شهر يناير بنحو 20.9%، وفى مارس تراجعت الصادرات بنسبة 21.7%، ثم فى أبريل تراجعت بنسبة 22.7%، بينما تراجعت فى مايو بنسبة 21%، وكان التراجع أقل فى يوليو وبلغت نسبته 11.8%، وفى أغسطس تراجعت بنسبة 19.8%.
أما فى سبتمبر من العام ذاته فقد بلغ التراجع 27.2% وهو التراجع الأكبر فى السنوات الخمس الماضية بعد شهر فبراير 2015 الذى تراجعت الصادرات فيه بنسبة 27.4%، ووفقاً للتقارير فقد بلغ إجمالى صادرات مصر فى خلال الأشهر التسعة الماضية نحو 13.8 مليار دولار (تعادل 105 مليارات جنيه).
وفى 2016 تكشف بيانات وزارة التجارة ارتفاع قيمة الصادرات خلال الـ10 أشهر الماضية، وبلغت قيمة الزيادة نحو مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، وكان من أبرز القطاعات التى حققت زيادة هى مواد البناء والكيماويات والأسمدة والصناعات الغذائية والأثاث.
ووزارة التجارة: 2015 أسوأ عام للمصدّرين ومليار دولار زيادة فى صادرات 2016
وحسبما يرى المصدرون، فإن الصادرات وحدها قادرة على حل جزء كبير من أزمة الدولار التى تعد إحدى أهم المشكلات الاقتصادية فى الوقت الراهن، إذ يرى خالد أبوالمكارم رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، أن بند الصادرات وحده قادر على المساهمة بقوة فى حل أزمة الدولار، موضحاً أن دخل مصر من التصدير يفوق دخل قناة السويس أربعة أضعاف.
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت أزمات كبيرة فى الأسواق المحيطة بمصر، والتى كانت تمثل أسواقاً تقليدية للمصدرين المصريين، وهو ما انعكس فى شكل تراجع قيمة الصادرات، موضحاً أن التركيز فى الفترة الأخيرة من جانب المصدرين ووزارة التجارة بدأ ينصب على الأسواق غير التقليدية ومن بينها الأسواق الأفريقية.
ووفقاً لما قاله «أبوالمكارم» فإن وزير التجارة قام بالتكليف بتشكيل لجنة من رؤساء ٣ مجالس تصديرية تكون مهمتها وضع استراتيجية لمضاعفة الصادرات المصرية للسوق الأفريقية خلال ٥ سنوات، وأوضح أن اللجنة تضم رؤساء المجالس التصديرية لكل من الصناعات الكيماوية والأسمدة والصناعات الهندسية والطبية ومستحضرات التجميل.
وأضاف أن اللجنة ستبحث آليات مضاعفة الصادرات وحوافز دعم التصدير لتلك السوق، موضحاً أن هناك فرصاً حقيقية لمضاعفة الصادرات المصرية إلى السوق الأفريقية، مشيراً إلى أن صادرات الصناعات الكيماوية والأسمدة إلى دول حوض النيل زادت صادرات القطاع خلال ٢٠١٥ بنسبة ١٤٧٪ وارتفعت الصادرات من 7.8 مليار جنيه خلال ٢٠١٤ إلى 9.6 مليار جنيه خلال ٢٠١٥.
ويرى هانى برزى، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، أن الصادرات المصرية تعد إحدى أكبر الأدوات التى يمكن من خلالها إخراج الاقتصاد المصرى من أزماته، إذا أحسنت الدولة استغلال تلك الأداة، وقال إن ملف الصادرات يجب أن يكون على رأس أولويات الدولة فى الوقت الحالى، الذى يشهد فيه الاقتصاد أزمة طاحنة فى الدولار، موضحاً أن وزير التجارة والصناعة بدأ عدة إجراءات إيجابية خلال الفترة الماضية، من شأنها أن تدعم الصادرات.
وقال إن بند دعم الصادرات فى الموازنة لا يعد مجاملة للمصدرين، ولا يمكن اعتباره نوعاً من الترف الاقتصادى، موضحاً أن دعم الصادرات يعد بالأساس مساهمة من الدولة لفتح أسواق تصديرية جديدة وتعزيز مواردها من النقد الأجنبى، موضحاً أن كل جنيه تنفقه الدولة كدعم للصادرات يقابله دولار عائد على الدولة.
وكشف «برزى» عن معاناة المصدرين طوال الفترة الماضية بسبب مشكلات الدولار، وتراجع دعم الصادرات، وعدم صرفه للمصدرين خلال السنوات الماضية نتيجة عدم وجود تمويل.
ولفت رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية إلى أن أزمة نقص الدولار تسببت فى تكبيل المصدرين طوال الأشهر الماضية، مشيراً إلى أن أغلب الأسواق التى يتعامل معها مصدرو السلع الغذائية تقع فى المنطقة العربية وتتمثل بنسبة كبيرة فى أسواق ليبيا والعراق وسوريا، وهى الأسواق التى ساهمت فى تراجع صادرات القطاع طوال الفترة الماضية.
وأكد سعيد أحمد، رئيس المجلس التصديرى للمفروشات المنزلية، أن هناك مصدّرين خرجوا من الأسواق الأوروبية والأمريكية نتيجة المنافسة الشرسة أمام المنتجات الباكستانية والهندية فى ظل تراجع دعم الصادرات للمصدرين خلال الأعوام الماضية، والمشكلات الإنتاجية الداخلية التى كان أغلبها نتيجة الدولار، موضحاً أن هناك تحركات جدية من وزارة الصناعة لتدارك الأخطاء السابقة، من خلال العمل على وضع استراتيجية متوسطة وطويلة الأجل للصادرات المصرية، وهو ما من شأنه المساهمة فى زيادة الإيرادات الدولارية ومن ثم حل المشكلة القائمة فى توافر العملة الصعبة بشكل كبير.
وقال مجدى طلبة، عضو المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إن الصادرات يمكنها أن تقود الاقتصاد إلى النمو، لكونها أكبر دافع للإنتاج، موضحاً أن الأداء التصديرى خلال الفترة الماضية كان سلبياً بشكل كبير نتيجة المشكلات الداخلية التى عانت منها الصناعة، وأكد أن النهوض بالتصدير ليس مسئولية وزارة واحدة فقط، وأنه يستدعى تكاتف كافة الوزارات من صناعة ومالية وغيرهما إلى القطاع المصرفى الذى يجب أن يقوم بدور أكبر من أجل دعم الصناعة، وأضاف: «لو حدث هذا التكامل فسوف يكون هناك أداء مختلف للصادرات، وسوف نرى نمواً اقتصادياً حقيقياً».
الوطن :30-10-2016
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home