الحياة والموت المعنى الحقيقى والمجازى
الحياة والموت لهما معنيان معنىً حقيقي ومعنى مجازي:
قال تعالى:
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) ﴾
وقال:
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ (19) ﴾
الحياة والموت لهما معنيان، معنىً حقيقي ومعنى مجازي، المعنى المجازي:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
المؤمن حي، والكافر ميِّت، الموصول بالله حي، والمقطوع عن الله ميت، المستقيم على أمر الله حي، والمُنحرف ميت، الذي يعرف الله حي، والذي لا يعرفه ميِّت، وربنا عزَّ وجل قال:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
وقال أيضاً:
﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ(22) ﴾
كل إنسان مقبور بشهوة من الشهوات، هذا مقبور في تجارته، هذا مقبور في النساء، هذا مقبور في المال، لهذا سيدنا علي قال لابنه: " يا بني مات خُزَّان المال وهم أحياء ـ أموات وهم أحياء، أي وهم في أوج حياتهم، في أوج حيويتهم، في أوج قوتهم، في صحتهم التامة، في استمتاعهم بكل شيء، هؤلاء أموات ـ مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة ".
من عمل بما علم جمع المجد من أطرافه:
مثلاً علماؤنا الأجلاء عبر العصور التوالي، أبو حنيفة النعمان يُذكَر في اليوم والليلة في العالم الإسلامي ملايين المرات، والإمام الشافعي، وسيدنا صلاح الدين، وسيدنا أبو بكر، وسيدنا عمر، وسيدنا عثمان، وعمر بن عبد العزيز، والإمام الجُنَيد، والشيخ محي الدين، العلماء، أما أن تذكر اسم إنسان غني عاش سنة ألف وثمانمئة وخمسة عشر بالشام ؟ اذكر لي اسم واحد لأعطيك ما تريد، لا تذكر، "مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر"، باب العلم مفتوح لكل واحد، اطلب العلم من المهد إلى اللحد، طلب العلم فريضةٌ، أنت إذا أتيت إلى بيتٍ من بيوت الله، وفهمت كلام الله، تعلمت، درساً فوق درس، وجلسة إثر جلسة، وموضوعاً بعد موضوع، وكتاباً بعد كتاب، تصبح عالماً، فإذا عملت بما علمت جمعت المجد من طرفيه، فلذلك:
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ (19) ﴾
أحياناً تجد شاباً في منتهى الأدب والخشوع، ومعرفة الله، والاستقامة، والحب، وأبوه لا يصلي، وقد تجد أب من أرقى الآباء له ابن ضال، في الحالة الأولى أخرج الحي من الميت، والحالة الثانية أخرج الميت من الحي، هذا معنى مجازي.
عظمة الله في خلقه:
المعنى الحقيقي: انظر إلى البذرة، هذه البذرة تبدو لك ميتة، حبة قاسية، القمح بقي بالأهرامات ستة آلاف سنة، فلما زرعوه أنبت، فهذه الشجرة التي تضج حياةً، تأكل من المشمش بذرة خشبية، من الزيتون بذرة كلها خشب، هذه البذرة تبدو لك ميتة، ولكنك إذا وضعتها في التربة وجاءتها الرطوبة وجاءها الماء أنبتت رشيماً، فكأن الله أخرج من هذه الشجرة التي تضج حياةً بذرةً تبدو لك ميتة، فإذا زرعت هذه البذرة الميتة أعطت حياةً:
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (19) ﴾
الأشجار في الشتاء حطب، قد لا تصدِّق، لو أخذت غصن أحد الأشجار وكسرته تجده حطباً، خشباً يابساً، فإذا جاء الربيع ارتدت هذه الشجرة حُلَّةً بيضاء قشيبة، زهر رائع جداً، لطيف، له رائحة فوَّاحة، من أين جاء هذا الزهر ؟ أرض جرداء، تذهب إليها في الربيع فترة الحياة، سيدنا عمرو بن العاص وصف لسيدنا عمر بن الخطاب بلاد مصر، فقال له:" يا أمير المؤمنين مصر طولها شهرٌ ـ أي مسيرة شهر ـ وعرضها عشرٌ ـ عشرة أيام، طولها مسير شهر وعرضها عشرة أيام ـ يخط وسطها نهرٌ ميمون الغدوات مبارك الروحات ـ نهر النيل ـ فإذا هي عنبرةٌ سوداء ـ أي أرض تربة سوداء ـ إذا هي درةٌ بيضاء ـ عندما النيل فاض فمنظرها من فوق بيضاء، كأنها درة ـ ثم هي زبرجدة خضراء ـ بساط أخضر في الربيع ـ ثم هي عنبرةٌ سوداء فتبارك الله الفعال لما يشاء ".
الأشجار أيضاً من آيات الله الدالة على عظمته:
قال تعالى:
﴿ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (19) ﴾
أرض ميتة، بالربيع ترى آلاف أنواع الأزهار على الطريق، غير الحشيش الأخضر، كلها خضراء، أزهار قصيرة وطويلة، وبنفسجية، وصفراء، وبيضاء، وحمراء، لو أردت أن تعد الأنواع تجدها آلافاً مؤلفة، وكل زهرة لها ألوان متناسقة، ولها حجم مناسب، ولها بُنية خاصة، ولها ترتيب خاص، أين كان هذا كله ؟ هذه الشجرة كأنها قطعة حطب مُشَعَّبَة، أزهرت فأورقت فأثمرت، أين كان هذا كله ؟ هذه آياته.
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) ﴾
والحمد لله رب العالمين
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home