نظرات في قصة طالوت وجالوت
*الحذر لاينجي من القدر
*جاهدوا بأنفسكم. وكذلك بأموالكم
*الملأ بين القول والعمل
*مواصفات القائد
*اختبار الجندية
----------------------
*الحذر لاينجي من القدر:
*الحذر لاينجي من القدر:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ
فَقَالَ لَهُمُ الّلَهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ الّلَهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ.}
ولكن مع هذه الكثرة الكاثرة الجبنُ والخور، غثاءٌ كغثاء السيل، لقد خرجوا خوفًا من الموت – لمصيبة ما، كحرب أو وباء -، ولكن كان الموت من حيث أرادوا الحياة.
فقال لهم الله: مُوتُوا! فماتوا. فهو يقول للشيء كن فيكون.
ثُمَّ أَحْيَاهُمْ بعد زمن، ليعرفوا فضل الله عليهم، وليعلموا أنه لا حذر يُنجي من قدر، وليُوقنوا أن الجهاد هو الحياة، وأن الفرار هو الموت.
إِنَّ الَّلهَ لَذُو فَضْلٍ وكرم عَلَى النَّاسِ، يُعلِّمهم ويُذكرهم، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ لله تلك النعم .
ولعل هذه القصةَ التي أشار إليها اللهُ تعالى بهذه الطريقة البلاغية العجيبة هي التي عناها النبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله: "الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ - أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ -، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ"[2].
***
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الّلَهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الّلَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}وقاتلوا في طريق الله، ولا تكونوا كالذين هربوا من ديارهم وهم ألوفٌ خوفَ الموت، فالموت قادمٌ لا محالة، واعلموا أن الله سميعٌ يسمعُ جدالكم في أمر القتال، عليمٌ يعلم المجاهد من القاعد، والمقبل من المدبر، والشجاع من الجبان.
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الّلَهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الّلَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}وقاتلوا في طريق الله، ولا تكونوا كالذين هربوا من ديارهم وهم ألوفٌ خوفَ الموت، فالموت قادمٌ لا محالة، واعلموا أن الله سميعٌ يسمعُ جدالكم في أمر القتال، عليمٌ يعلم المجاهد من القاعد، والمقبل من المدبر، والشجاع من الجبان.
***
*جاهدوا بأنفسكم. وكذلك بأموالكم:
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الَّلهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَالّلَهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} من هذا الذي يريد أن ينال ذلك الشرف الرفيع؛ أن يُقرضَ الله قرضًا[3] جميلاً !
المال مال الله، وأنت تنفقه كما أراد الله. ومع ذلك يضاعفه لك، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، بل يُنميه، ويربيه "كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى يكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ".
وَالَّلهُ يَقْبِضُ الرزق ويُضيِّقه على من يشاء، وَيَبْسُطُه ويُوسعه على من يشاء، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يوم القيامة، فيحابسبكم بالإحسان إحسانًا.
***
*الملأ بين القول والعمل :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الّلَهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الَّلهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَالَّلهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}ألم تر [بعينيك][4] إلى قصة النخبةِ[5] من ذرية يعقوب - من بعد عهد موسى – عليه السلام – إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ - من أنبياء بني إسرائيل الكثيرين: "اختر لَنَا قائدًا نُقَاتِلْ تحت امرته فِي سَبِيلِ الّلَهِ". وهذا يدلك على أهمية القيادة المختارة في نهضة الأمم. كما يدلك أيضًا على أهمية الجماعة والتنظيم والإمارة. قَالَ: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ فرض عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا؛ بحيث إذا جد الجِد جبنتم وفرتم، فساعةُ السراء غيرُ ساء البأس، ولأن كثرةَ القائلين بالجهاد كثيرون، والعاملون به قليلون؟
قَالُوا: وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الَّلهِ، وقد أذلنا الله لما تركنا الجهاد، فأخرجنا العدوُ من ديارنا، وفرَّقنا عن أَبْنَائِنَا.
فَلَمَّا فُرض عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ، تهربوا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ من المؤمنين العاملين، وَالّلَهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ الذين تخلفوا عن القتال في سبيله.
وهم ظالمون؛ لأن تخلفهم مكّن للعدو، فظلموا الناس، وخربوا البلاد.
قَالُوا: وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الَّلهِ، وقد أذلنا الله لما تركنا الجهاد، فأخرجنا العدوُ من ديارنا، وفرَّقنا عن أَبْنَائِنَا.
فَلَمَّا فُرض عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ، تهربوا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ من المؤمنين العاملين، وَالّلَهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ الذين تخلفوا عن القتال في سبيله.
وهم ظالمون؛ لأن تخلفهم مكّن للعدو، فظلموا الناس، وخربوا البلاد.
***
*مواصفات القائد:
.{{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الّلَهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ الّلَهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالَّلهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَالّلَهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}وقال لهم نبيهم: إن الله تعالى قد اختار لكم طالوتَ ملكا لكم، وقائدًا يقودكم، فاسمعوا وأطيعوا لأميركم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَّلهِ (صلى الله عليه وسلم) "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ"[6]
قَالُوا كيف يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا من دون فلان وفلان من سلالة الملوك، وأصحاب المال، وأرباب الأحساب، بل نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، وأجدرُ بالأمارة منه، ولاسيما وهو َلَمْ يُعط سَعَةً مِنَ الْمَالِ، إنه فقيرٌ من جملة الفقراء.
وكان الأولى منهم أن يستروا ذلك على أميرهم، ولا يتكلموا في نقيصة فيه.قَالَ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "[7].
قالوا : "نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ" رغم أن الله اختاره عليهم إمامًا، وسماه لهم صراحة؛ حتى لا يختلفوا عليهم، ولكنهم لم يختلفوا عليه فحسب، بل ادَّعوا أنهم أولى بالقيادة منه، وهذه سمة بعض الناس، ممن ينازعك في الحجة، فإذا ما ثبت لك، ادعاها لنفسه.
قَالَ لهم نبيهم: إِنَّ الّلَهَ تعالى اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ، واختاره من بينكم، لصلاحه وتقواه، وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ، فهو قائدٌ: راسخُ العلم، ورجلٌ قوي الجسم، وَالَّلهُ يُعطي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ من عباده، ويستخلف من يشاء في الأرض، وَالّلَهُ وَاسِعٌ في فضله، عَلِيمٌ فيما يصلح رعيته.
وفي الآية إشارةٌ إلى إسناد القيادة إلى العلماء الأقوياء.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَّلهِ (صلى الله عليه وسلم) "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ"[6]
قَالُوا كيف يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا من دون فلان وفلان من سلالة الملوك، وأصحاب المال، وأرباب الأحساب، بل نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، وأجدرُ بالأمارة منه، ولاسيما وهو َلَمْ يُعط سَعَةً مِنَ الْمَالِ، إنه فقيرٌ من جملة الفقراء.
وكان الأولى منهم أن يستروا ذلك على أميرهم، ولا يتكلموا في نقيصة فيه.قَالَ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "[7].
قالوا : "نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ" رغم أن الله اختاره عليهم إمامًا، وسماه لهم صراحة؛ حتى لا يختلفوا عليهم، ولكنهم لم يختلفوا عليه فحسب، بل ادَّعوا أنهم أولى بالقيادة منه، وهذه سمة بعض الناس، ممن ينازعك في الحجة، فإذا ما ثبت لك، ادعاها لنفسه.
قَالَ لهم نبيهم: إِنَّ الّلَهَ تعالى اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ، واختاره من بينكم، لصلاحه وتقواه، وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ، فهو قائدٌ: راسخُ العلم، ورجلٌ قوي الجسم، وَالَّلهُ يُعطي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ من عباده، ويستخلف من يشاء في الأرض، وَالّلَهُ وَاسِعٌ في فضله، عَلِيمٌ فيما يصلح رعيته.
وفي الآية إشارةٌ إلى إسناد القيادة إلى العلماء الأقوياء.
***
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
وقال لهم نبيهم: إن علامةَ مُلكه، ودلالةَ أن اللهَ ارتضاه قائدًا لكم، أن يأتيكم الصندوقُ الأثري [8] الذي ورثتموه من عهد موسى، و ضاع منكم، سوف يأتيكم هذا التابوت فيه ما تَسْكُنُون [9] به إذا أَتاكم، فبنزوله من السماء إليكم سيضفي على قلوبكم الطمأنينة والوَدَاعة، بعدما كنتم في هياط ومياط، ورعب وفزع حينما تركتم الجهاد. كما رُوي عن النبي (صلى الله عليه وسلم): "إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَتَبَايَعُوا بِالْعَيْنِ[10]، وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ الّلَهِ أَنْزَلَ الّلَهُ بِهِمْ بَلاَءً فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ "[11].
سوف يأتيكم التابوت المبارك فيه بقيةٌ من آثارٍ، مما ترك آل موسى وآل هارون،كقطعٍ من الألواح والملابس أو نحو ذلك، وفوق ذلك كلِّه سوف يهبط عليكم التابوتُ تحمله الملائكةُ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لعلامةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بأمر الله فيكم.
وهكذا تكونُ المقدسات أغلى ما تملك الأمم وإن كان صندوقًا خشبيًا.
إن عودة التابوتُ المفقود أضفت شعور الطمأنينة على هؤلاء الناس، لقد أحسوا بكيانهم حينما استردوا التابوت.
تحمله الملائكة.. وهذا لكرامة هذا الصندوق، ولأقامة الحجة على الجماهير.
لكنْ قل لي بربك، عن قوم ضُيِّع منهم مسجدُهم الأقصى! هل تُحس فيهم من سكينةٍ؟
سوف يأتيكم التابوت المبارك فيه بقيةٌ من آثارٍ، مما ترك آل موسى وآل هارون،كقطعٍ من الألواح والملابس أو نحو ذلك، وفوق ذلك كلِّه سوف يهبط عليكم التابوتُ تحمله الملائكةُ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لعلامةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بأمر الله فيكم.
وهكذا تكونُ المقدسات أغلى ما تملك الأمم وإن كان صندوقًا خشبيًا.
إن عودة التابوتُ المفقود أضفت شعور الطمأنينة على هؤلاء الناس، لقد أحسوا بكيانهم حينما استردوا التابوت.
تحمله الملائكة.. وهذا لكرامة هذا الصندوق، ولأقامة الحجة على الجماهير.
لكنْ قل لي بربك، عن قوم ضُيِّع منهم مسجدُهم الأقصى! هل تُحس فيهم من سكينةٍ؟
اختبار الجندية:
***
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ الَّلهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو الّلَهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الّلهِ وَالّلهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}
فَلَمَّا خرج طَالُوتُ بِالْجُنُودِ، وانفصل بهم عن الوطن نحو أرض العدو، كان جنودُ طالوت كثرةً يغلبها الحماس والصخب، فأراد أن يختبرهم ليستخلص منهم المجاهدين الصادقين، وليتخف من الخفاف المُهرجين، فقَالَ: "إِنَّ الّلَهَ مختبركم بِنَهَرٍ ستلقونه في طريقنا إلى العدو، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي، وليخرج من الجيش، فقد سقط في الابتلاء، وَمَنْ لَمْ يذقه[12] فَإِنَّهُ مِنِّي، ومِن أتباعي، إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً واحدة بِيَدِهِ يتبلغ بها فهذا لا جُناح عليه".
فلم يقتصروا على الغرفة، فَشَرِبُوا مِنْهُ، وكرعوا، إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ.
فَلَمَّا جَاوَزَ النهرَ هُوَ والقلةُ القليلة من الذين آَمَنُوا مَعَهُ وصدقوا في ثباتهم، قَالُوا: لا قِبل لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ، فهم أكثر منا بكثير.
قَالَ الَّذِينَ يستيقنون أَنَّهُمْ مُلاقُو الّلَهِ: كَمْ مِنْ جماعةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ جماعةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الّلَهِ.
وهذا يدلك على أن الإيمان بالآخرة وذكر الموت يقوي ثبات المرء، ويثبتُ الأقدام بإذن الله. وَالَّلهُ مَعَ الصَّابِرِينَ الثابتين بمده وقدرته.
عن البراء بن عازب قال: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم) مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ ، بِضْعَةَ عَشَرَ وثلاثمائة . قَالَ الْبَرَاءُ: لاَ وَالّلَهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ..
فَلَمَّا جَاوَزَ النهرَ هُوَ والقلةُ القليلة من الذين آَمَنُوا مَعَهُ وصدقوا في ثباتهم، قَالُوا: لا قِبل لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ، فهم أكثر منا بكثير.
قَالَ الَّذِينَ يستيقنون أَنَّهُمْ مُلاقُو الّلَهِ: كَمْ مِنْ جماعةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ جماعةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الّلَهِ.
وهذا يدلك على أن الإيمان بالآخرة وذكر الموت يقوي ثبات المرء، ويثبتُ الأقدام بإذن الله. وَالَّلهُ مَعَ الصَّابِرِينَ الثابتين بمده وقدرته.
عن البراء بن عازب قال: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم) مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ ، بِضْعَةَ عَشَرَ وثلاثمائة . قَالَ الْبَرَاءُ: لاَ وَالّلَهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ..
***
{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
ولما تدانى الصفان، وتواقف الجمعان، وبرز المؤمنون لجالوت وجنوده، وعاينوا قوتهم وكثرتهم، تضرعوا إلى الله قائلين: رَبَّنَا اسكب عَلَيْنَا صَبْرًا، كالسَّيلِ من عالٍ إلى صَبَبِ، فالنصرُ مع أصبر الفريقين. "وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا " فلا نصر لجيش جبان، يُقدِّم رِجلاً ويؤخر أخرى، "وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ". والنصرُ ما هو إلا خليطُ الصبر والثبات.
فلما استغاثوا ربهم، استجاب لهم:
{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ الَّلهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ الَّلهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ الّلَهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}
على التو، هزموهم بإذن الله، واهبِ النصر، ونصير الصابرين، وكان في الجيشِ داود، لَمْ يُنَبَّأْ بعدُ، فأراد الله به خيرًا، وأن يلفت الأنظارَ إلى نبي المستقبل داود، فجعل على يديه قتل جالوت طاغية عصره، وكانت بدايةَ تمكين لداود، أدت إلى أنْ رزقه الله بثلاثية الخلافة : القيادة والحكمة والعلم.
أعطاه اللهُ:
1 المُلك على بني إسرائيل.
2 والحكمة فهو يقضي بها بين الناس. وهذا في جانب القضاء.
3 والعلم عمومًا، وقد علمه اللهُ مما يشاء من العلوم العسكرية من صناعة الدروع الحربية السابغات، وغيرها من الأدوات القتالية. وَلَوْلا أن الله عز وجل يدفعُ الناسَ بعضهم بعض، فيسلطُ الحقَ على الباطل فيدمغه، لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ، ولساد الظلمُ والخراب، إذ لن يجد الظالمُ من يردعه، ولن يجد الفاسدُ من يزجره، وَلَكِنَّ الّلَهَ صاحبُ فَضْلٍ عظيم عَلَى الْعَالَمِينَ؛ إذ سن سنة التدافع.
******
{تِلْكَ آَيَاتُ الَّلهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} هذه آياتُ الله نتلوها عليك (صلى الله عليك) أحكامًا تدفعُ الناسَ إلى الحق، وإنك لمن الأنبياء المرسلين؛ فامض لما أرسلك الله له.
فوائد:
*الخوفُ والفزع في القعود، وحياةُ الدِعة مزرعةُ الجبناء.
*الفرار لا يدفع الموت .
*ينبغي على الداعيةِ ألا يغتر بكثرة الأتباع. وليَرَ الجادَّ من الرخو عند أول نهر.
الذين قالوا "ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الّلهِ" قال الله فيهم: "فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " [البقرة246]، فليحذرْ المائعون!
جماهيرُ العوام يتأثرون بمن أوتي سعة من المال، أما مَن منحه الله سعةً في العلم، فإن النُّقَّاد كثيرون.
*إذا ما غلب الطاغيةُ الظالمُ على جماهير الفسقة فإن الطاعة له سائرةٌ فيهم، بينما العالمُ إذا ما تولى الأمر فيهم بحقه فإن الأصواتَ المعارضةَ تهتف: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ".
*لا جندية دون اختبار .
*النصر والتمكين والحكمة والعلم: أشياءٌ لا ينفك بعضها عن بعض
*الفرار لا يدفع الموت .
*ينبغي على الداعيةِ ألا يغتر بكثرة الأتباع. وليَرَ الجادَّ من الرخو عند أول نهر.
الذين قالوا "ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الّلهِ" قال الله فيهم: "فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " [البقرة246]، فليحذرْ المائعون!
جماهيرُ العوام يتأثرون بمن أوتي سعة من المال، أما مَن منحه الله سعةً في العلم، فإن النُّقَّاد كثيرون.
*إذا ما غلب الطاغيةُ الظالمُ على جماهير الفسقة فإن الطاعة له سائرةٌ فيهم، بينما العالمُ إذا ما تولى الأمر فيهم بحقه فإن الأصواتَ المعارضةَ تهتف: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ".
*لا جندية دون اختبار .
*النصر والتمكين والحكمة والعلم: أشياءٌ لا ينفك بعضها عن بعض
وصايا عملية:
1 اذا ما لقيتَ عدوك، فتذكر لقاء الله، في ذلك زادٌ.
2 احرص على ما ينفعك، وفعِّلْ مهاراتك في "العلم والجسم"
2 احرص على ما ينفعك، وفعِّلْ مهاراتك في "العلم والجسم"
من التردد إلى مجالس العلماء، إلى التريض صباحًا بالتمرينات.
** عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المشرف العام على موقع نبي الرحمة ________
___
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home