صفاء السريرة
كم تمنيت يا رفيقة أن تكون حقيقة الأشياء كظاهرها،
أن يكون بريق الأشياء والكلمات والقلوب بريق جوهرها الكريم الحر
النقي لا بريق طلاء الأكاذيب التي تروج لزيفها الفاقع دون حياء،
كم تمنيت يا رفيقة أن نظل أطفالا ساذجين كي نستمتع بكرنڤال الحياة
المزوقة من حولنا دون أن نتعلم كيف نقرأ ما تحت الطلاء والأقنعة الملونة من قبح
مستتر وما بين سطور التملق والخديعة من وقاحة وادعاء،
كم
تمنيت يا رفيقة أن تكون الأكاذيب صادقة!
لكن
التجارب التي أحرقت قلوبنا، جعلت التناقضات المفجعة عارية أمام عيوننا،
لم
تعد للألفاظ ذات المعاني ، ولا للعناوين الكبيرة ذات القيمة المبجلة،
وحين
حل موسم الحصاد تبددت الغلة، كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف،
هذا الضوء الساطع الذي يملأ ليل المدائن كان كبرق خلب، لا ضياء فيه، وحين
انطفأ وميضه العابر اكتشفنا كم كان عميقا ذلك الظلام فجأة،
لكن،
يا
رفيقة،
لا
زال هناك شيء ما جميل ومضيء وحقيقي وصادق وسط كل هذا الفساد والبغي
والزيف وغثاء
السيل،
لا
زال هناك من يجلس مطمئنا ساكنا يتلو كتاب ربه ليصنع على منهجه الحياة،
وسيأتي،
من
أقصى المدينة يسعى، يذكر الملأ بوحدانية الله، ويمضي، لا ينال منه كيدهم ، ولا
يتشوف لدنياهم قلبه ، لأنه في معية الله،
ولكن أكثر الناس لا يعلمون
لا
زال هناك من يسبحون الله ربا واحدا خالقا متفردا له تمام الأمر والحكم والمشيئة،
يرجون رحمته ويخافون عذابه، يصنعهم العزيز المتعال على عينه، ليقيم بهم أمر دينه،
لا يصرفهم عن غايتهم شيء، ولا تضللهم الدعاوي والأوهام، ولا يدخلون في جدال
الباطل، ولا يخشونه، ولا يقيمون له وزنا،
لا
زال وعد الله ببقاء الخير والحق والإيمان والكتاب قائما إلى قيام الساعة،
يواسي قلوبنا المنهكة، ويشد من أزر كواهلنا التي قصمتها الحادثات الكبار، ويجلو بصيرتنا التي احتارت في دلائل الأفكار والأمصار.
"والله غالب على أمره يواسي قلوبنا المنهكة، ويشد من أزر كواهلنا التي قصمتها الحادثات الكبار، ويجلو بصيرتنا التي احتارت في دلائل الأفكار والأمصار.
ولكن أكثر الناس لا يعلمون
د.صفاء رفعت
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home