وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً
نحن في الدنيا مِلَلْ ونِحَلْ وأعراق وشعوب، وطوائف وانكلو ساكسوني والشعوب السامية، والشعوب الإفريقية وشعوب متفوقة وأخرى متخلفة، شعوب منتجة وشعوب مستهلكة، شعوب راقية متمدنة وشعوب جاهلة، على مستوى البلد وعلى مستوى القرية وعلى مستوى الأسرة: ملل ونحل وجهات وأعراف وأنساب، هؤلاء البشر وعلى اختلاف أنواعهم وانتماءاتهم ومللهم ونحلهم في يوم القيامة ثلاثة أصناف:
﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) ﴾
1 ـ أصحاب اليمين:
أصحاب اليمين: هم المقتصدون الذين أخذوا بالمُبَاحات وأطاعوا الله عز وجل.
2 ـ أصحاب الشمال:
أصحاب الشمال: خرجوا عن منهج الله وانهمكوا في الملذات المحرمة، أصحاب اليمين طبقوا منهج الله واستعملوا المُبَاح، أصحاب الشمال خرجوا عن منهج الله وانغمسوا في الملذات المحرمة.
3 ـ السابقون السابقون:
لكن السابقين السابقين صنف آخر، هؤلاء باعوا أنفسهم في سبيل الله، هؤلاء وقتهم ومالهم وأهلهم وخبراتهم وعلمهم وذهابهم وغدوهم ورواحهم سفرهم وإقامتهم كلها في سبيل الله،
إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي، لا يطؤون موطئاً يُغيظ الكفار إلا كُتِبَ لهم به عمل صالح، لا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتِبَ لهم به عمل صالح.
ربنا عز وجل بدأ بوصف حال السابقين السابقين، هؤلاء المتفوقون، هؤلاء قمم المجتمع، عند الله لا عند الناس، هنالك قمم عند الناس، وقمم عند الله، هؤلاء السابقون السابقون قمم المجتمع عند الله، أول نعيم وأعظم نعيم وأجدر نعيم سعوا إليه أنهم مقربون، كلمة مقرب مقرب ممن ؟ من خالق الكون.
لكن هؤلاء السابقين السابقين وهؤلاء المقربون:
﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) ﴾
قال بعض المفسرين " إن الأمم التي سبقت أمة محمد صلى الله عليه وسلم بمجموعها هذه هي الثلة وأما الذين آمنوا برسول الله عليه الصلاة والسلام واتبعوا منهجه هذه هي القلة "، لكن جمهور العلماء يقول " إن الثلة هم أصحاب النبي الذين آمنوا به، والقلة هم المؤمنون الذين أتوا في آخر الزمان وهذا أقرب "،
هؤلاء المقربون:
﴿ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) ﴾
هذه السرر فيها معادن ثمينة، تجد أحياناً قطعة أثاث فيها ذهب وفضة:
﴿ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) ﴾
في راحة نفسية، لا يوجد هموم وكل من في الجنة بأعلى مستوى والإنسان يسعد بقرنائه، يسعد بأنداده فأهل الجنة طيبون طاهرون، كلهم قمم، يجلسون في الجنة على سرر متقابلين.
د. محمد راتب النابلسي.
د. محمد راتب النابلسي.
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home