أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ
روى أبو داوود في سننه:
إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أحدهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :( أَنَا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ )
أي مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْبَرَكَة أَحْفَظ أموالهمَا وَأُعْطِيهِمَا الرِّزْق وَالْخَيْر فِي مُعَامَلَتهمَا :( خَرَجَتُ مِنْ بَيْنهمْ ) وَفِي بَعْض النُّسَخ " مِنْ بَيْنهمَا " بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ الظَّاهِر ، أي زَالَتْ الْبَرَكَة بِإخراجِ الْحِفْظ عَنْهُمَا .
وَزَادَ رَزِين " وَجَاءَ الشَّيْطَان " أي وَدَخَلَ بَيْنهمَا وَصَارَ ثَالِثهمَا .
قد يُفهم من الخيانة أخذ مبلغ خاص، إذا أخذ مبلغاً خاصاً هذه سرقة، أما الخيانة أنه يطمع شريكه بالبقاء معه، وهو يفكر بأن يدعه خارج الشركة، أي لا يوجد نية التأبيد، هناك نية التوقيت، نية الاستغلال، نية تعلم الخبرة، ثم لفظه خارج الشركة، هذا نوع من الخيانة.
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : الشَّرِكَة عِبَارَة عَنْ اِخْتِلَاط أموال بَعْضهمْ بِبَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّز ، وَشَرِكَة اللَّه تَعَالَى إِيَّاهُمَا عَلَى الِاسْتِعَارَة ، كَأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْبَرَكَة وَالْفَضْل وَالرِّبْح بِمَنْزِلَةِ الْمَال الْمَخْلُوط ، فَسَمَّى ذَاته تَعَالَى ثَالِثهمَا ، وَجَعَلَ خِيَانَة الشَّيْطَان وَمَحْقه الْبَرَكَة بِمَنْزِلَةِ الْمَخْلُوط وَجَعَلَهُ ثَالِثهمَا ، وَقَوْله خَرَجَتُ مِنْ بَيْنهمَا تَرْشِيح الِاسْتِعَارَة .
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الشَّرِكَة فَإِنَّ الْبَرَكَة مُنْصَبَّة مِنْ اللَّه تَعَالَى فِيهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا ، لِأَنَّ كُلّ وَأحد مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ، يَسْعَى فِي غِبْطَة صَاحِبه ، وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى فِي عَوْن الْعَبْد مَا دَامَ الْعَبْد فِي عَوْن أَخِيهِ الْمُسْلِم .
الأخوة الكرام
في هذا الحديث الشريف دلالة على جواز الشراكة في الإسلام بل فيه حث عليها ....إذ يخبر تعالى أنه مع الشريكين يبارك رزقهما ويحفظه ما داما يلتزمان أحكام الشرع في تعاملهما.
والشركة في الإسلام عقد بين اثنين أو أكثر يتفقان على القيام بعمل مالي بقصد الربح.
وعقد الشركة كسائر العقود يقتضي الإيجاب والقبول فيه معاً.
فالإيجاب أن يقول أحدهما للآخر شاركتك في كذا, والقبول أن يقول الآخر قبلت.
وليست العبرة بذات الألفاظ بل بالمعنى، أي: لا بد أن يتحقق في الإيجاب والقبول ما يفيد أن أحدهما خاطب الآخر بالشركة على شيء, سواء أكانت المخاطبة مشافهه أو كتابة. وأنَّ الآخر قَبِلَ ذلك .
ويشترط في صحة العقد أن يكون المعقود عليه تصرفاً قابلا للوكالة, ليكون ما يستفاد بهذا التصرف مشتركاً بينهما. أي أن العقد يجب أن يكون على بدن أحد الشريكين أو كليهما ....وهذا من استقراء وتتبع أنواع شركات العقود التي كان الناس يتعاملون بها زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي أقرهم عليها, ومن تتبع الأحكام الشرعية المتعلقة بها.
فالبدن عنصر أساسي في جميع أنواع الشركات في الإسلام.
فإن اشترك اثنان في تجارة, المال من أحدهما والعمل من الآخر على أن يكون الربح بينهما بنسبة معينة مناصفة مثلاً أو ثلثاً لأحدهما وثلثين للآخر أو أي نسبة محددة يتفقان عليها سميت هذه الشراكة: المضاربة.
والمضاربة من الأعمال المشروعة لكسب المال وتملكه. فالمضارب قد اشترك بجهده في الاِتِّجار بمال شريكه - مقابل حصوله على نسبة معينة من الربح. فكان عمله هذا سبباً لكسبه المال. ووسيلة لتنمية مال شريكه. فما أرفعها وأرقاها من معاملة, يقدم فيها ذوو الأموال من أموالهم لإخوان لهم، يحتاجون للعمل ويملكون الخبرات لكنهم لا يملكون المال اللازم لإدارة عمل تجاري, فيضارب العامل بمال شريكه ويجني الربح فيتقاسماه معاً وفق ما اتفقا عليه في عقد الشراكة.
إذ بهذه الطريقة يَعِفُّ صاحبُ الخبرةِ الفقيرُ عن الاقتراض من البنوك الربوية لإقامة مشروع تجاري, أو عن الجلوس عاطلا عن العمل يتكفف الناس ويتناول الصدقات من أيديهم, فيتجرع معها الذل والانكسار.
حقاً إن ديننا دين عظيم من لدن عليم حكيم ......شرع لنا من العلاجات لما يواجهنا من مشكلات في كل مجالات الحياة ......لكن كثيرا من الناس لا يدركون الكنوز المدفونة والدرر المكنونة في كتاب ربهم وسنة نبيهم ..والتي تحل مشاكلهم وتحفظ عليهم كرامتهم وتزيل الحسد والحقد والبغضاء من قلوبهم وتسعدهم في دنياهم وآخرتهم ....فيلجأون إلى قوانين الغرب يلتمسون عندها النجاة ....وما دَرَوْا أن حلول الغرب هي الهلاك بعينه.
اللهم أنر بصائر أمة محمد وافتح قلوبها لترى وتدرك أين مصالحها الحقة لتعود إليك تائبة آيبة ... فتعيد حكمك ودولة نبيك .....لترضى عنها وتوفقها في الدنيا والآخرة.
منقول
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home