ركن الله القوي الركين
يضرب الله المثل لحقيقة القوى المتصارعة في هذه الحياة ..
. . إن هنالك قوة واحدة هي قوة الله
وما عداها من قوة الخلق فهو هزيل
واهن، من تعلق به أو احتمى،
فهو كالعنكبوت الضعيفة تحتمي ببيت من خيوط واهية
. فهي وما تحتمي به سواء:
" مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا،
وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت
لو كانوا يعلمون.
لو كانوا يعلمون.
إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ
وهو العزيز الحكيم
وهو العزيز الحكيم
. وتلك الأمثال نضربها للناس، وما يعقلها إلا العالمون " . .
إنه تصوير عجيب صادق لحقيقة القوى في هذا الوجود .
الحقيقة التي يغفل عنها الناس أحيانا،
فيسوء تقديرهم لجميع القيم، ويفسد تصورهم لجميع الارتباطات،
وتختل في أيديهم جميع الموازين
. ولايعرفون إلى أين يتوجهون
. ماذا يأخذون وماذا يدعون؟
وعندئذ تخدعهم قوة الحكم والسلطان يحسبوها القوة القادرة التي تعمل في هذه الأرض،
فيتوجهون إليها بمخاوفهم ورغائبهم، ويخشونها ويفزعون منها، ويترضوها ليكفوا عن أنفسهم أذاها
أو
يضمنوا لأنفسهم حماها!
وتخدعهم قوة المال،
يحسبوها القوة المسيطرة على أقدار الناس وأقدار الحياة
يحسبوها القوة المسيطرة على أقدار الناس وأقدار الحياة
ويتقدمون إليها في رغب وفي رهب؛
ويسعون للحصول عليها ليستطيلوا بها..
ويتسلطوا على الرقاب كما يحسبون!
وتخدعهم قوة العلم يحسبوها أصل القوة وأصل المال،
وأصل سائر القوى التي يصول بها من يملكها ويجول،
ويتقدمون إليها خاشعين كأنهم عباد في المحاريب!
وتخدعهم هذه القوى الظاهرة.
تخدعهم في أيدي الأفراد وفي أيدي الجماعات وفي أيدي الدول،
فيدورون حولها، ويتهافتون عليها،
كما يدور الفراش على المصباح، وكما يتهافت الفراش على النار
وينسون القوة الوحيدة التي تخلق سائر القوى الصغيرة،
وتملكها، وتمنحها، وتوجهها، وتسخرها
كما تريد، حيثما تريد.
وينسون أن الالتجاء إلى تلك القوى سواء كانت في أيدي الأفراد، أو الجماعات، أو الدول . .
كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت
. . . حشرة ضعيفة رخوة واهنة لا حماية لها من تكوينها الرخو،
ولا وقاية لها من بيتها الواهن.
وليس هنالك إلا حماية الله،
وإلا حماه، وإلا ركنه القوي الركين.
هذه الحقيقة الضخمة هي التي عني القرآن بتقريرها في نفوس الفئة المؤمنة،
فكانت بها أقوى من جميع القوى التي وقفت في طريقها؛
وداست بها على كبرياء الجبابرة في الأرض
ودكت بها المعاقل والحصون.
لقد استقرت هذه الحقيقة الضخمة في كل نفس، وعمرت كل قلب،
واختلطت بالدم، وجرت معه في العروق،
ولم تعد كملة تقال باللسان، ولا قضية تحتاج إلى جدل
. بل بديهة مستقرة في النفس،
لا يجول غيرها في حس ولا خيال.
قوة الله وحدها هي القوة
وولاية الله وحدها هي الولاية
وما عداها فهو واهن ضئيل هزيل؛
مهما علا واستطال، ومهما تجبر وطغى، ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل.
إنها العنكبوت: وما تملك من القوى ليست سوى بيت العنكبوت
" وإن أوهن البيوت
لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "
وإن أصحاب الدعوات الذين يتعرضون للفتنة والأذى، وللإغراء والإغواء
. لجديرون أن يقفوا أمام هذه الحقيقة الضخمة ولا ينسوها لحظة،
وهم يواجهون القوى المختلفة
. هذه تضر بهم وتحاول أن تسحقهم
. وهذه تستهويهم وتحاول أن تشتريهم
. . وكلها كبيت العنكبوت في حساب الله،
وفي حساب العقيدة حين تصح العقيدة،
وحين تعرف حقيقة القوى وتحسن التقويم والتقدير.
" إن الله يعلم ما يدعون من دونه شيء " . .
إنهم يستعينون بأولياء يتخذونهم من دون الله
والله يعلم حقيقة هؤلاء الأولياء.
وهي الحقيقة التي صورت في المثل السابق . .
عنكبوت تحتمي ببيت العنكبوت!
" وهو العزيز الحكيم"
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home